مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَقِهِمُ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمۡتَهُۥۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

ثم قالوا بعد ذلك { وقهم السيئات } قال بعضهم المراد وقهم عذاب السيئات ، فإن قيل فعلى هذا التقدير لا فرق بين قوله { وقهم السيئات } وبين ما تقدم من قوله { وقهم عذاب الجحيم } وحينئذ يلزم التكرار الخالي عن الفائدة وإنه لا يجوز ، قلنا بل التفاوت حاصل من وجهين ( الأول ) أن يكون قوله { وقهم عذاب الجحيم } دعاء مذكور للأصول وقوله { وقهم السيئات } دعاء مذكورا للفروع ( الثاني ) أن يكون قوله { وقهم عذاب الجحيم } مقصورا على إزالة الجحيم وقوله { وقهم السيئات } يتناول عذاب الجحيم وعذاب موقف القيامة وعذاب الحساب والسؤال .

والقول الثاني : في تفسير { وقهم السيئات } هو أن الملائكة طلبوا إزالة عذاب النار بقولهم { وقهم عذاب الجحيم } وطلبوا إيصال ثواب الجنة إليهم بقولهم { وأدخلهم جنات عدن } ثم طلبوا بعد ذلك أن يصونهم الله تعالى في الدنيا عن العقائد الفاسدة ، والأعمال الفاسدة ، وهو المراد بقولهم { وقهم السيئات } ثم قالوا { ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته } يعني ومن تق السيئات في الدنيا فقد رحمته في يوم القيامة ، ثم قالوا { وذلك هو الفوز العظيم } حيث وجدوا بأعمال منقطعة نعيما لا ينقطع ، وبأعمال حقيرة ملكا لا تصل العقول إلى كنه جلالته .