{ إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ) هذه الآية نزلت ناسخة لما أمر به في أول السورة من قيام الليل ومعناها : أن الله يعلم أنك ومن معك من المسلمين تقومون قياما مختلفا مرة يكثر ومرة يقل ، لأنكم لا تقدرون على إحصاء أوقات الليل وضبطها فإنه لا يقدر على ذلك إلا الله فخفف عنكم وأمركم أن تقرؤوا ما تيسر من القرآن .
{ ونصفه وثلثه } من قرأها بالخفض فهو عطف على ثلثي الليل أي : تقوم أقل من ثلثي الليل وأقل من نصفه وثلثه ومن قرأ بالنصب فهو عطف على أدنى أي : تقوم أدنى من ثلثي الليل وتقوم نصفه تارة وثلثه تارة .
{ وطائفة } يعني : المسلمين وهو معطوف على الضمير الفاعل في تقوم .
{ علم أن لن تحصوه } الضمير يعود على ما يفهم من سياق الكلام أي : لن تحصوا تقدير الليل ، وقيل : معناه لن تطيقوه أي : لن تطيقوا قيام الليل كله .
{ فتاب عليكم } عبارة عن التخفيف كقوله فإذا لم تفعلوا وتاب الله عليكم .
{ فاقرؤوا ما تيسر من القرآن } أي : إذا لم تقدروا على قيام الليل كله فقوموا بعضه واقرؤوا في صلاتكم بالليل ما تيسر من القرآن ، وهذا الأمر للندب ، وقال ابن عطية : هو للإباحة عند الجمهور وقال قوم : منهم الحسن وابن سيرين هو فرض لا بد منه ولو أقل ما يمكن حتى قال بعضهم : من صلى الوتر فقد امتثل هذا الأمر ، وقيل : كان فرضا ثم نسخ بالصلوات الخمس ، وقال بعضهم : هو فرض على أهل القرآن دون غيرهم .
{ علم أن سيكون منكم مرضى } ذكر الله في هذه الآية الأعذار التي تكون لبني آدم تمنعهم من قيام الليل فمنها المرض ومنها السفر للتجارة وهي الضرب في الأرض لابتغاء فضل الله ومنها الجهاد ثم كرر الأمر بقراءة ما تيسر تأكيدا للأمر به أو تأكيدا للتخفيف وهذا أظهر لأنه ذكره بأثر الأعذار .
{ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } يعني : المكتوبتين .
{ وأقرضوا الله } معناه : تصدقوا ، وقد ذكر في البقرة .
{ هو خيرا } نصب خيرا لأنه مفعول ثان لتجدوه والضمير فصل .
{ واستغفروا الله } قال بعض العلماء : " إن الاستغفار بعد الصلاة مستنبط من هذه الآية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته استغفر ثلاثا " .
{ إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرؤوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم }
{ إن ربك يعلم أنك تقوم أَدنى } أقل { من ثلثي الليل ونصفِه وثلثِه } بالجر عطف على ثلثي وبالنصب على أدنى وقيامه كذلك نحو ما أمر به أول السورة { وطائفة من الذين معك } عطف على ضمير تقوم وجاز من غير تأكيد للفصل وقيام طائفة من أصحابه كذلك للتأسي به ومنهم من كان لا يدري كم صلّى من الليل وكم بقي منه فكان يقوم الليل كله احتياطاً فقاموا حتى انتفخت أقدامهم سنة أو أكثر فخفف عنهم قال تعالى : { والله يقدر } يحصي { الليل والنهار علم أن } مخففة من الثقيلة واسمها محذوف ، أي أنه { لن تحصوه } أي الليل لتقوموا فيما يجب القيام فيه إلا بقيام جميعه وذلك يشق عليكم { فتاب عليكم } رجع بكم إلى التخفيف { فاقرؤوا ما تيسر من القرآن } في الصلاة بأن تصلوا ما تيسر { علم أن } مخففة من الثقيلة ، أي أنه { سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض } يسافرون { يبتغون من فضل الله } يطلبون من رزقه بالتجارة وغيرها { وآخرون يقاتلون في سبيل الله } وكل من الفرق الثلاثة يشق عليهم ما ذكر في قيام الليل فخفف عنهم بقيام ما تيسر منه ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس { فاقرؤوا ما تيسر منه } كما تقدم { وأقيموا الصلاة } المفروضة { وآتوا الزكاة وأقرضوا الله } بأن تنفقوا ما سوى المفروض من المال في سبيل الخير { قرضاً حسناً } عن طيب قلب { وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً } مما خلفتم وهو فصل وما بعده وإن لم يكن معرفة يشبهها لامتناعه من التعريف { وأعظم أجراً واستغفروا الله إن الله غفور رحيم } للمؤمنين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.