التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنۡعِقُ بِمَا لَا يَسۡمَعُ إِلَّا دُعَآءٗ وَنِدَآءٗۚ صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (171)

{ ومثل الذين كفروا } الآية : في معناها قولان :

الأول : تشبيه الذين كفروا بالبهائم لقلة فهمهم وعدم استجابتهم لمن يدعوهم ، ولا بد في هذا من محذوف ، وفيه وجهان :

أحدهما : أن يكون المحذوف أول الآية والتقدير مثل داعي الذين كفروا إلى الإيمان { كمثل الذي ينعق } أي : يصيح { بما لا يسمع } وهي البهائم التي لا تسمع { إلا دعاء ونداء } ولا يعقل معنى .

والآخر : أن يكون المحذوف بعد ذلك والتقدير :{ مثل الذين كفروا كمثل } مدعو الذي ينعق ويكون دعاء ونداء على الوجهين مفعولا يسمع والنعيق : هو زجر الغنم ، والصياح عليها ، فعلى هذا القول شبه الكفار بالغنم وداعيهم بالذي يزجرها وهو يصيح عليها .

الثاني : تشبيه الذين كفروا في دعائهم وعبادتهم لأصنامهم بمن ينعق بما لا يسمع لأن الأصنام لا تسمع شيئا ، ويكون دعاء ونداء على هذا منعطف : أي أن الداعي يتعب نفسه بالدعاء أو النداء لمن لم يسمعه من غير فائدة ، فعلى هذا شبه الكفار بالنعق .

{ صم } وما بعده راجع إلى الكفار وذلك غير التأويل الأول ورفعوا على إضمار مبتدأ .