ثم قال : ( وَمَثَلُ الذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ ) [ 170 ] .
أي : مثل الكافر في قلة فهمه لما يتلى عليه من عند الله عز وجل وما يدعى إليه ويوعظ به( {[5173]} ) ، مثل البهيمة التي تسمع الصوت إذا نعق بها ، ولا تعقل ما يقال لها .
قال عكرمة : " معناه : مثلهم كمثل البعير أو( {[5174]} ) الحمار تدعوه فيسمع الصوت ، ولا يفقه( {[5175]} ) ما تقول له( {[5176]} ) " .
قال ابن عباس : " معناه : مثل الكافر كمثل البعير أو الحمار( {[5177]} ) أو الشاة ، إذا قلت لبعضها : كُلْ ، لم تعلم( {[5178]} ) ما تقول ، غير أنها تسمع الصوت . كذلك الكافر إن أمرته بخير أو نهيته عن شر أو وعظته لم يعقل ما تقول غير أنه يسمع صوتك( {[5179]} ) " .
قال مجاهد : " هذا مثل ضربه الله تعالى للكافر يسمعا يقال له ، ولا يعقل ، كمثل البهيمة تسمع النهيق ولا تعقل( {[5180]} ) " .
وعلى هذا المعنى فسره كل المفسرين( {[5181]} ) .
وقوله : / ( إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً ) [ 170 ] .
أي : لا تعقل البهيمة ما يقال لها ، إنما تسمع دعاء ونداء ، كذلك الكافر . والذي ينعق هو الراعي للغنم ، فكما أن الغنم تسمع صوت الراعي( {[5182]} ) إذا( {[5183]} ) دعا بها( {[5184]} ) ولا تفقهه( {[5185]} ) ، كذلك الكفار( {[5186]} ) يسمعون ما يقول( {[5187]} )/ لهم محمد صلى الله عليه وسلم وما يدعوهم إليه ولا يفهمونه ولذلك( {[5188]} ) قال تعالى : ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ) [ 170 ] .
أي : ( {[5189]} ) حالهم حال الأصم والأبكم والأعمى ، إذ لا ينتفعون بذلك فيما يدعون( {[5190]} ) إليه .
فالمعنى : صم عن سماع الحق [ بكم عن قول الحق ، عمي عن النظر إلى الحق ]( {[5191]} ) . وإنما قدم " صُمّ " في هذا الموضع وفي أول السورة على ما بعده لأنه أشد بلاء مما بعده ، لأنه يذهب به السمع والعقل . ألا ترى إلى قوله تعالى : ( أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لاَ يَعْقِلُونَ ) [ يونس : 42 ] فذكر ذهاب السمع [ مع الصّمّ ]( {[5192]} ) ، وذكر بعده ذهاب البصر مع العمي لا غير .
وعن ابن عباس أن التقدير : " مثل وعظ الذين كفروا وواعظهم ، كمثل الناعق بالغنم ، والمنعوق بهم " ( {[5193]} ) .
فأضيف المثل إلى الذين كفروا ، وترك ذكر الوعظ والواعظ لدلالة الكلام عليه( {[5194]} ) . وقيل : التقدير : ومثل( {[5195]} ) الذين كفروا في تخلف فهمهم عن الله عز وجل ورسوله/كمثل/المنعوق بهم( {[5196]} ) من البهائم .
وقال ابن زيد : " معنى( {[5197]} ) الآية : مثل الذين كفروا في دعائهم الآلهة التي لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع ، كمثل الصائح في جوف الليل فيجيبه الصدى ، فهو يصيح بما لا يسمع ويجيبه بما لا نفع فيه ولا حقيقة " ( {[5198]} ) .
وقيل : المعنى : مثل الذين كفروا في دعائهم( {[5199]} ) آلهتهم وهي لا تفهم عنهم ، كمثل الناعق بالغنم ينعق بما لا يفهم عنه قوله . فكما لا ينتفع الناعق بالغنم بأن تفهم عنه ، كذلك الكافر مع آلهته( {[5200]} ) .
قال سيبويه : " تقديره : مثلكم ومثل [ الذين ]( {[5201]} ) كفروا ، كمثل الناعق والمنعوق به الذي لا يسمع . قال : فلم يشبهوا بما ينعق ، إنما شبهوا بالمنعوق به " ( {[5202]} ) . وكذا قال أبو عبيدة( {[5203]} ) .
وقال قطرب : " معناها : مثل الذين كفروا في دعائهم ما لا يعقل ولا يسمع ، كمثل الراعي إذا [ نعق بغنمه ، وهو أن يصوت ]( {[5204]} ) بها ، وهو لا يدري أين هي " ( {[5205]} ) .
وهذه الآية عند الطبري نزلت في اليهود( {[5206]} ) . وهو قول عطاء( {[5207]} ) . ومعنى ينعق : يصوت( {[5208]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.