وقوله : { وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ . . . }
أضاف المَثَل إلى الذين كفروا ، ثم شبَّههم بالراعي . ولم يَقُل : كالغنم . والمعنى - والله أعلم - مثل الذين كفروا ( كمثل البهائم ) التي لا تفقه ما يقول الراعي أكثر من الصوت ، فلو قال لها : ارعَىْ أو اشربي ، لم تَدْرِ ما يقول لها . فكذلك مَثَل الذين كفروا فيما يأتيهم من القرآن وإنذار الرسول . فأضيف التشبيه إلى الراعي ، والمعنى - والله أعلم - في المَرْعِىّ . وهو ظاهر في كلام العرب أن يقولوا : فلان يخافك كخوف الأسَد ، والمعنى : كخوفه الأسَد ؛ لأن الأسد هو المعروف بأنه المُخوف . وقال الشاعر :
لقد خِفْتُ حتى ما تزِيدُ مخافتِي *** على وَعِلٍ في ذي المَطَارة عاقِلِ
والمعنى : حتى ما تزيد مخافة وعلٍ على مخافتي . وقال الآخر :
كانت فرِيضةَ ما تقول كما *** كان الزِناء فرِيضةَ الرَّجْمِ
والمعنى : كما كان الرجم فريضة الزناء . فيتهاون الشاعر بوضع الكلمة على صحَّتها لاتّضاح المعنى عند العرب . وأنشدني بعضهم :
إِن سِراجا لكرِيم مَفْخَرُهْ *** تَحْلَى بِهِ العينُ إِذا ما تَجْهَرُهْ
والعينُ لا تحلى به ، إنما يَحْلَى هو بها .
وفيها معنىً آخر : تضيف المَثَل إلى ( الذين كفروا ) ، وإضافته في المعنى إلى الوعظ ؛ كقولك مَثَل وَعْظ الذين كفروا وواعظِهم كمثل الناعق ؛ كما تقول : إذا لقيت فلانا فسلِّم عليه تسليمَ الأمير . وإنما تريد به : كما تسلّم على الأمير . وقال الشاعر :
فلستُ مُسَلَّما ما دمْتُ حيّاً *** على زيدٍ بِتسلِيم الأمير
وقوله : { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ . . . }
رَفْع ؛ وهو وَجْه الكلام ؛ لأنه مستأنفُ خبرٍ ، يدلّ عليه قوله { فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } كما تقول في الكلام : هو أصَمّ فلا يسمع ، وهو أخرس فلا يتكلّم . ولو نُصب على الشمّ مثل الحروف في أوّل سورة البقرة في قراءة عبد الله " وتركهم في ظلماتٍ لا يبصِرون صُما بُكْما عُمْياً " لجاز .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.