بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنۡعِقُ بِمَا لَا يَسۡمَعُ إِلَّا دُعَآءٗ وَنِدَآءٗۚ صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (171)

ثم قال تعالى : { وَمَثَلُ الذين كَفَرُواْ كَمَثَلِ الذى يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء } . فهذا مثل ضربه الله تعالى لأهل الكفر ، إنهم مثل البهائم لا يعقلون شيئاً سوى ما يسمعون من النداء . وفي الآية إضمار ومعناه : مثلك يا محمد مع الكفار ، { كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً } وهذا قول الزجاج . وقال القتبي : قال الفراء : ومثل واعظ الذين كفروا فحذف ذكر الواعظ . كما قال تعالى : { واسئل القرية التي كُنَّا فِيهَا والعير التي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لصادقون } [ يوسف : 82 ] . وقال القتبي أيضاً : { مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ } ، يعني ومثلنا في وعظهم ، فحذف اختصاراً إذ كان في الكلام ما يدل عليه ، { كَمَثَلِ الذي يَنْعِقُ } ، يعني الراعي إذا صاح في الغنم لا يسمع إلا دعاءً ونداءً فحسب ، ولا تفهم قولاً ولا تحسن جواباً ، فكذلك الكافر لا يعقل المواعظ . { صُمٌّ } عن الخبر فهم لا يسمعون { بِكُمْ } ، أي خرس لا يتكلمون بالحق { عَمِيَ } لا يبصرون الهدى . ويقال : كأنّهم صم ، لأنهم يتصاممون عن سماع الحق . { فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } الهدى .