السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنۡعِقُ بِمَا لَا يَسۡمَعُ إِلَّا دُعَآءٗ وَنِدَآءٗۚ صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (171)

{ ومثل } أي : صفة { الذين كفروا } ومن يدعوهم إلى الهدى { كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء } أي : صوتاً ولا يفهم معناه والنعيق التصويت يقال : نعق المؤذن ونعق الراعي بالضأن قال الأخطل :

فانعق بضأنك يا جرير فإنما *** منتك نفسك في الخلاء ضلالا

وأمّا ت الغراب فبالغين المعجمة والمعنى أنهم في سماع الموعظة وعدم تدبرها كالبهائم تسمع صوت راعيها ولا تفهم . وقيل : معنى الآية مثل الذين كفروا في دعاء الأصنام التي لا تفقه ولا تعقل كمثل الناعق بالغنم ولا ينتفع من نعيقه بشيء غير أنه في عناء من الدعاء والنداء ، كذلك الكافر ليس له من دعاء الآلهة إلا العناء والدعاء كما قال تعالى : { وإن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم } ( فاطر ، 14 ) ثم وصف سبحانه وتعالى الكفار بصفات ذم فقال : { صمّ } أي : هم صم عن سماع الحق ، تقول العرب لمن يسمع ولا يعقل ما يقال له إنه أصم { بكم } عن الخير لا يقولونه { عمي } عن الهدى لا يبصرونه { فهم لا يعقلون } الموعظة لإضلال نظرهم