تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

وقوله : { كَلا لا تُطِعْهُ } يعني : يا محمد ، لا تطعه فيما ينهاك عنه من المداومة على العبادة وكثرتها ، وصلِّ حيث شئت ولا تباله ؛ فإن الله حافظك وناصرك ، وهو يعصمك من الناس ، { وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } كما ثبت في الصحيح - عند مسلم - من طريق عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن عمارة بن غزية ، عن سُمَيّ ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء " {[30258]} .

وتقدم أيضًا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسجد في : { إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } و { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }

آخر تفسير سورة " اقرأ " {[30259]} .


[30258]:- (1) صحيح مسلم برقم (482).
[30259]:- (2) في م، أ: "آخر تفسيرها".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

{ كلاّ }

و { كَلاّ } ردع لإِبطال ما تضمنه قوله : { فليدع ناديه } ، أي وليس بفاعل ، وهذا تأكيد للتحدّي والتعجيز .

وكتب { سندع } في المصحف بدون واو بعد العين مراعاة لحالة الوصل ، لأنها ليست محل وقف ولا فاصلة .

{ لاَ تُطِعْهُ واسجد واقترب } .

هذا فذلكة للكلام المتقدم من قوله : { أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى } [ العلق : 9 ، 10 ] ، أي لا تترك صلاتك في المسجد الحرام ولا تخش منه .

وأطلقت الطاعة على الحذر الباعث على الطاعة على طريق المجاز المرسل ، والمعنى : لا تخفه ولا تحذره فإنه لا يَضرك .

وأكد قوله : { لا تطعه } بجملة { واسجد } اهتماماً بالصلاة .

وعطف عليه { واقترب } للتنويه بما في الصلاة من مرضاة الله تعالى بحيث جعل المصلّي مقترباً من الله تعالى .

والاقتراب : افتعال من القرب ، عبر بصيغة الافتعال لما فيها من معنى التكلف والتطلب ، أي اجتهد في القرب إلى الله بالصلاة .