يقول تعالى : اذكر لقومك يا محمد في قَصَصك عليهم من قصة يوسف إذ قال لأبيه ، وأبوه هو : يعقوب ، عليه السلام ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا عبد الصمد ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن ابن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الكريم ، ابن الكريم ، ابن الكريم ، ابن الكريم ، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم " .
انفرد بإخراجه البخاري ، فرواه{[15050]} عن عبد الله بن محمد ، عن عبد الصمد به{[15051]} وقال البخاري أيضا :
حدثنا محمد ، أخبرنا عبدة ، عن عُبَيْد الله ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : سُئِل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أكرم ؟ قال : " أكرمهم عند الله أتقاهم " . قالوا : ليس عن هذا نسألك . قال : " فأكرم الناس يوسف نبي الله ، ابن نبي الله ، ابن نبي الله ، ابن خليل الله " . قالوا : ليس عن هذا نسألك . قال : " فعن معادن العرب تسألوني ؟ " قالوا : نعم . قال : " فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فَقِهوا " . ثم قال : تابعه أبو أسامة ، عن عبيد الله{[15052]} .
وقال ابن عباس : رؤيا الأنبياء وحي .
وقد تكلم المفسرون على تعبير هذا المنام : أن الأحد عشر كوكبا عبارة عن إخوته ، وكانوا أحد عشر رجلا [ سواه ]{[15053]} والشمس والقمر عبارة عن أبيه وأمه . رُوي هذا عن ابن عباس ، والضحاك ، وقتادة وسفيان الثوري ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وقد وقع تفسيرها بعد أربعين سنة ، وقيل : ثمانين سنة ، وذلك حين رفع أبويه على العرش ، وهو سريره ، وإخوته بين يديه : { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا } [ يوسف : 100 ] .
وقد جاء في حديث تسمية هذه الأحد عشر كوكبا - فقال الإمام أبو جعفر بن جرير .
حدثني علي بن سعيد الكندي ، حدثنا الحكم بن ظهير ، عن السدي ، عن عبد الرحمن بن سابط ، [ عن جابر ]{[15054]} قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من يهود يقال له : " بستانة اليهودي " ، فقال له : يا محمد ، أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف أنها ساجدة له ، ما أسماؤها ؟ قال : فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ساعة فلم يجبه بشيء ، ونزل [ عليه ]{[15055]} جبريل ، عليه السلام ، فأخبره بأسمائها . قال : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فقال : " هل أنت مؤمن إن أخبرتك بأسمائها ؟ " فقال : نعم . قال : " خرتان{[15056]} والطارِقُ ، والذَّيَّال{[15057]} وذو الكَنَفَات ، وقابس ، ووَثَّاب ، وعَمُودَان ، والْفَيلَقُ ، والمُصَبِّحُ ، والضَّرُوحُ ، وذو الفرغ ، والضِّيَاُء ، والنُّور " ، فقال اليهودي : إيْ والله ، إنها لأسماؤها{[15058]} .
ورواه البيهقي في " الدلائل " ، من حديث سعيد{[15059]} بن منصور ، عن الحكم بن ظهير . وقد روى هذا الحديث الحافظان أبو يعلى الموصلي وأبو بكر البزار في مسنديهما ، وابن أبي حاتم في تفسيره{[15060]} أما أبو يعلى فرواه عن أربعة من شيوخه عن الحكم بن ظهير ، به وزاد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما رآها يوسف قَصّها على أبيه يعقوب ، فقال له أبوه : هذا أمر متشتت يجمعه الله من بعد ؛ قال : والشمس أبوه ، والقمر أمه " .
تفرد به الحكم بن ظهير الفزاري{[15061]} وقد ضَعَّفه الأئمة ، وتركه الأكثرون ، وقال الجوزجاني : ساقط ، وهو صاحب حديث حُسْن يوسف .
العامل في { إذ } فعل مضمر تقديره : اذكر { إذ } ويصح أن يعمل فيه { نقص } [ يوسف : 3 ] كأن المعنى : نقص عليك الحال { إذ }{[6556]} وحكى مكي أن العامل فيه { لمن الغافلين } [ يوسف : 3 ] ، وهذا ضعيف .
وقرأ طلحة بن مصرف «يؤسَف » بالهمز وفتح السين - وفيه ست لغات : «يُوسُف » بضم الياء وسكون الواو وبفتح السين وبضمها وبكسرها وكذلك بالهمز . وقرأ الجمهور «يا أبتِ » بكسر التاء حذفت الياء من أبي وجعلت التاء بدلاً منها ، قاله سيبويه ، وقرأ ابن عامر وحده{[6557]} وأبو جعفر والأعرج : «يا أبتَ » بفتحها ، وكان ابن كثير وابن عامر يقفان بالهاء ؛ فأما قراءة ابن عامر بفتح التاء فلها وجهان : إما أن يكون : «يا أبتا » ، ثم حذفت الألف تخفيفاً وبقيت الفتحة دالة على الألف ، وإما أن يكون جارياً مجرى قولهم : يا طلحة أقبل ، رخموه ثم ردوا العلامة ولم يعتد بها بعد الترخيم ، وهذا كقولهم : اجتمعت اليمامة ثم قالوا : اجتمعت أهل اليمامة ، فردوا لفظة الأهل ولم يعتدوا بها ، وقرأ أبو جعفر والحسن وطلحة بن سليمان : «أحد عْشر كوكباً » بسكون العين لتوالي الحركات ، ويظهر أن الاسمين قد جعلا واحداً .
وقيل : إنه قد رأى كواكب حقيقة والشمس والقمر فتأولها يعقوب إخوته وأبويه ، وهذا قول الجمهور ، وقيل : الإخوة والأب والخالة لأن أمه كانت ميتة ، وقيل إنما كان رأى إخوته وأبويه فعبر عنهم بالكواكب والشمس والقمر ، وهذا ضعيف ترجم به الطبري ، ثم أدخل عن قتادة والضحاك وغيرهما كلاماً محتملاً أن يكون كما ترجم وأن يكون مثل قول الناس ، وقال المفسرون : { القمر } تأويله : الأب ، و { الشمس } تأويلها : الأم ، فانتزع بعض الناس من تقديمها وجوب بر الأم وزيادته على بر الأب ، وحكى الطبري عن جابر بن عبد الله أن يهودياً يسمى بستانة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أخبرني عن أسماء الكواكب التي رآها يوسف عليه السلام ، فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل جبريل عليه السلام فأخبره بأسمائها ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهودي ، فقال : «هل أنت مؤمن إن أخبرتك بذلك ؟ قال : نعم ، قال : حربان ، والطارق ، والذيال ، وذا الكنفان ، وقابس ، ووثاب ، وعمودان والفيلق ، والمصبح ، والضروح ، وذو الفرغ ، والضياء ، والنور{[6558]} » فقال اليهودي : أي والله إنها لأسماؤها{[6559]} .
وتكرر { رأيتهم } لطول الكلام{[6560]} وجرى ضمائر هذه الكواكب في هذه الآية مجرى ضمائر من يعقل إنما كان لما وصفت بأفعال هي خاصة بمن يعقل{[6561]} .
وروي أن رؤيا يوسف كانت ليلة القدر ليلة جمعة ، وأنها خرجت بعد أربعين سنة ، وقيل : بعد ثمانين سنة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.