تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِيمَٰنٗا مَّعَ إِيمَٰنِهِمۡۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (4)

يقول تعالى : { هُوَ الَّذِي أَنزلَ السَّكِينَةَ } أي : جعل الطمأنينة . قاله ابن عباس ، وعنه : الرحمة .

وقال قتادة : الوقار في قلوب المؤمنين . وهم الصحابة يوم الحديبية ، الذين استجابوا لله ولرسوله وانقادوا لحكم الله ورسوله ، فلما اطمأنت قلوبهم لذلك ، واستقرت ، زادهم إيمانًا مع إيمانهم .

وقد استدل بها البخاري وغيره من الأئمة على تفاضل الإيمان في القلوب .

ثم ذكر تعالى أنه لو شاء لانتصر من الكافرين ، فقال : { وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ } أي : ولو أرسل عليهم ملكا واحدا لأباد خضراءهم ، ولكنه تعالى شرع لعباده المؤمنين الجهاد والقتال ، لما له في ذلك من الحكمة البالغة والحجة القاطعة ، والبراهين الدامغة ؛ ولهذا قال : { وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِيمَٰنٗا مَّعَ إِيمَٰنِهِمۡۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (4)

وإنزال السكينة في قلوب المؤمنين : وهي فعلية من السكون هو تسكينها لتلك الهدنة مع قريش حتى اطمأنت ، وعلموا أن وعد الله على لسان رسوله حق فازدادوا بذلك إيماناً إلى إيمانهم الأول وكثر تصديقهم . قال ابن عباس : لما آمنوا بالتوحيد زادهم العبادات شيئاً شيئاً . فكانوا يزيدون إيماناً حتى قال تعالى لهم : { اليوم أكملت لكم دينكم }{[10400]} [ المائدة : 3 ] فمنحهم أكمل إيمان أهل السماوات والأرض لا إله إلا الله . وفسر ابن عباس { السكينة } بالرحمة .

وقوله : { ولله جنود السماوات والأرض } إشارة إلى تسكين النفوس أيضاً وأن تكون مسلمة ، لأنه ينصر متى شاء وعلى أي صورة شاء مما لا يدبره البشر ، ومن جنده : { السكينة } التي أنزلها في قلوب أصحاب محمد فثبت بصائرهم .

وقوله تعالى : { وكان الله } أي كان ويكون ، فهي دالة على الوجود بهذه الصفة لا معينة وقتاً ماضياً . والعلم والإحكام : صفتان مقتضيتان عزة النصر لمن أراد الموصوف بهما نصره .


[10400]:من الآية(3) من سورة (المائدة).