الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِيمَٰنٗا مَّعَ إِيمَٰنِهِمۡۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (4)

{ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ } الرحمة ، والطمأنينة { فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ } قال ابن عبّاس : كلّ سكينة في القرآن فهي الطمأنينة إلاّ التي في البقرة .

{ لِيَزْدَادُواْ إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ } قال ابن عبّاس : بعث الله نبيّه صلى الله عليه وسلم بشهادة أن لا إله إلاّ الله ، فلمّا صدّقوا فيها زادهم الصلاة ، فلمّا صدّقوا زادهم الصيام ، فلمّا صدّقوا زادهم الزّكاة ، فلمّا صدّقوا زادهم الحجّ ، ثمّ زادهم الجهاد ، ثمّ أكمل لهم دينهم بذلك ، وقوله تعالى : { لِيَزْدَادُواْ إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ } أي تصديقاً بشرائع الإيمان مع تصديقهم بالإيمان .

وقال الضحاك : يقيناً مع يقينهم ، وقال الكلبي : هذا في أمر الحديبية حين صدق الله رسوله الرؤيا بالحقّ .

{ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } أخبرنا عبيد الله بن محمّد الزاهد ، أخبرنا أبو العبّاس السرّاج ، حدّثنا محمّد بن عبد الله بن المبارك ، حدّثنا يونس بن محمّد ، حدّثنا شيبان ، عن قتادة في قوله سبحانه : { لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } قال أنس بن مالك : إنّها نزلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم بعد مرجعه من الحديبية ، وأصحابه مخالطو الحزن والكآبة ، قد حيل بينهم وبين مناسكهم ونحروا بالحديبية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم

" لقد أُنزلت عليَّ آية هي أحبُّ إليَّ من الدُّنيا جميعاً " فقرأها على أصحابه ، فقالوا : هنيئاً مريئاً يا رسول الله ، قد بيّن الله تعالى ما يفعل بك ، فماذا يفعل بنا ؟ فأنزل الله تعالى : { لِّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ }