تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ أَغۡنَىٰ وَأَقۡنَىٰ} (48)

{ وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى } أي : مَلَّك عباده المال ، وجعله لهم قُنْيَة مقيما عندهم ، لا يحتاجون إلى بيعه ، فهذا تمام النعمة عليهم . وعلى هذا يدور كلام كثير من المفسرين ، منهم أبو صالح ، وابن جرير ، وغيرهما . وعن مجاهد : { أَغْنَى } : مَوَّل ، { وَأَقْنَى } : أخدم . وكذا قال قتادة .

وقال ابن عباس ومجاهد أيضا : { أَغْنَى } : أعطى ، { وَأَقْنَى } : رَضّى .

وقيل : معناه : أغنى نفسه وأفقر الخلائق إليه ، قاله الحضرمي بن لاحق .

وقيل : { أَغْنَى } من شاء من خلقه و { وَأَقْنَى } : أفقر من شاء منهم ، قاله ابن زيد . حكاهما ابن جرير {[27717]} وهما بعيدان من حيث اللفظ .


[27717]:- (2) تفسير الطبري (27/44).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ هُوَ أَغۡنَىٰ وَأَقۡنَىٰ} (48)

{ وأقنى } معناه : أكسب ، يقال : قنبت المال ، أي كسبته ، ثم يعدى بعد ذلك بالهمزة ، وقد يعدى بالتضعيف ، ومنه قول الشاعر : [ البسيط ]

كم من غني أصاب الدهر ثروته*** ومن فقير يقنّى بعد إقلالِ{[10731]}

وعبر المفسرون عن { أقنى } بعبارات مختلفة . وقال بعضهم : { أقنى } معناه : أكسب ما يقتني ، وقال مجاهد معناه : أغنى وأرضى . وقال حضرمي معناه : أغنى عن نفسه { وأقنى } أفقر عباده إليه . وقال الأخفش : { أقنى } أفقر ، وهذه عبارات لا تقتضيها اللفظة ، والوجه فيها بحسب اللغة أكسب ما يقتني . وقال ابن عباس : { أقنى } قنع . والقناعة خير قنية ، والغنى عرض زائل ، فلله در ابن عباس .


[10731]:هذا البيت شاهد هنا على أن(قني) تتعدى بالتضعيف، و"كم" هنا للتكثير، وأصاب ثروته: أضاعها، فكأنه أنزل بها إصابة ماحقة، والإقلال: الفقر والحاجة، يقول: كثير من الأغنياء أصابهم الدهر فضاعت ثرواتهم، وكثير من الفقراء أغناهم الدهر وأكسبهم الثروة، ولم أقف على قائل هذا البيت.