تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ هَلۡ ءَامَنُكُمۡ عَلَيۡهِ إِلَّا كَمَآ أَمِنتُكُمۡ عَلَىٰٓ أَخِيهِ مِن قَبۡلُ فَٱللَّهُ خَيۡرٌ حَٰفِظٗاۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (64)

أي : هل أنتم صانعون به إلا كما صنعتم بأخيه من قبل ، تغيبونه عني ، وتحولون بيني وبينه ؟ { فَاللَّهُ خَيْرٌ حفظًا } وقرأ بعضهم : " حَافِظًا "

{ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } أي : هو أرحم الراحمين بي ، وسيرحم كبري وضعفي ووجدي بولدي ، وأرجو من الله أن يرده علي ، ويجمع شملي به ، إنه أرحم الراحمين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ هَلۡ ءَامَنُكُمۡ عَلَيۡهِ إِلَّا كَمَآ أَمِنتُكُمۡ عَلَىٰٓ أَخِيهِ مِن قَبۡلُ فَٱللَّهُ خَيۡرٌ حَٰفِظٗاۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (64)

{ قال هل آمنكم عليه إلا كما أمِنتكم على أخيه من قبل } وقد قلتم في يوسف : { وإنا له لحافظون } . { فالله خير حافظا } فأتوكل عليه وأفوض أمري إليه ، وانتصاب " حفظا " على التمييز و{ حافظا } على قراءة حمزة والكسائي وحفص يحتمله والحال كقوله : لله دره فارسا ، وقرئ { خير حافظ } و " خير الحافظين " . { وهو أرحم الراحمين } فأرجو أن يرحمني بحفظه ولا يجمع علي مصيبتين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ هَلۡ ءَامَنُكُمۡ عَلَيۡهِ إِلَّا كَمَآ أَمِنتُكُمۡ عَلَىٰٓ أَخِيهِ مِن قَبۡلُ فَٱللَّهُ خَيۡرٌ حَٰفِظٗاۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (64)

{ قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ( 64 ) }

قوله { هل } توقيف وتقرير ، وتألم يعقوب عليه السلام من فرقة بنيامين ، ولم يصرح بمنعهم من حمله لما رأى في ذلك من المصلحة ، لكنه أعلمهم بقلة طمأنينته إليهم . وأنه يخاف عليه من كيدهم ، ولكن ظاهر أمرهم أنهم كانوا نبئوا وانتقلت حالهم ، فلم يخف كمثل ما خاف على يوسف من قبل ، لكن أعلم بأن في نفسه شيئاً ، ثم استسلم لله تعالى ، بخلاف عبارته في قصة يوسف .

وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم - في رواية أبي بكر - «خير حفظاً » وقرأ حمزة والكسائي وحفص - عن عاصم - «خير حافظاً » ونصب ذلك - في القراءتين - على التمييز . وقال الزجاج : يجوز أن ينصب «حافظاً » على الحال ، وضعف ذلك أبو علي الفارسي ، لأنها حال لا بد للكلام والمعنى منها ، وذلك بخلاف شرط الحال ، وإنما المعنى أن حافظ الله خير حافظكم . ومن قرأ «حفظاً » فهو مع قولهم : { ونحفظ أخانا } . ومن قرأ «حافظاً » فهو مع قولهم { وإنا له لحافظون }{[6744]} [ يوسف : 63 ] فاستسلم يعقوب عليه السلام لله وتوكل عليه . قال أبو عمرو الداني : قرأ ابن مسعود : «فالله خير حافظ وهو خير الحافظين » .

قال القاضي أبو محمد : وفي هذا بعد .


[6744]:قال ابن خالويه: "كان الأصل الإضافة، فلما حذفت خلفها التنوين، فإن قيل: فما الفرق بين قولهم: "زيد أفره عبد" بالخفض، و "زيد أفره عبدا" بالنصب؟ فقل: إذا خفضوا فالفاره هو العبد ومحته في ذاته، وإذا نصبوا فالعبد غير زيد، ومعناه: زيد أفرهكم عبدا أو أفره عبدا من غيره، فهذا فرقان بين". (الحجة 197).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ هَلۡ ءَامَنُكُمۡ عَلَيۡهِ إِلَّا كَمَآ أَمِنتُكُمۡ عَلَىٰٓ أَخِيهِ مِن قَبۡلُ فَٱللَّهُ خَيۡرٌ حَٰفِظٗاۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (64)

جواب أبيهم كلام موجه يحتمل أن يكون معناه : { إني آمنكم عليه كما أمنتكم على أخيه } ، وأن يكون معناه ماذا أفاد ائتمانكم على أخيه من قَبْل حتى آمنكم عليه .

والاستفهام إنكاري فيه معنى النفي ، فهو يستفهم عن وجه التأكيد في قولهم : { وإنا له لحافظون } . والمقصود من الجملة على احتماليها هو التفريع الذي في قوله : { فالله خير حفظاً } [ سورة يوسف : 64 ] ، أي خير حفظاً منكم ، فإنْ حفظه الله سلم وإن لم يحفظه لم يسلم كما لم يسلم أخوه من قبل حين أمنتكم عليه .

وهم قد اقتنعوا بجوابه وعلموا منه أنه مُرسِل معهم أخاهم ، ولذلك لم يراجعوه في شأنه .

و{ حفظاً } مصدر منصوب على التمييز في قراءة الجمهور . وقرأه حمزة والكسائي ، وحفص { حافظاً } على أنه حال من اسم الجلالة وهي حال لازمة .