تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (172)

يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بالأكل من طَيبات ما رزقهم تعالى ، وأن يشكروه على ذلك ، إن كانوا عبيده ، والأكل من الحلال سبب لتقبل الدعاء والعبادة ، كما أن الأكل من الحرام يمنع قبولَ الدعاء والعبادة ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمامُ أحمد :

حدثنا أبو النضر ، حدثنا الفُضَيل بن مرزوق ، عن عدَيِّ بن ثابت ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيها الناس ، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال : { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } [ المؤمنون : 51 ] وقال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } ثم ذكر الرجل يطيلُ السفر أشعث أغبر ، يمدُّ يديه إلى السماء : يا رب ، يا رب ، ومطعمه حرام ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغُذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك " .

ورواه مسلم في صحيحه ، والترمذي من حديث [ فضيل ]{[3056]} بن مرزوق{[3057]} .


[3056]:زيادة من أ.
[3057]:المسند (2/328) وصحيح مسلم برقم (1015) وسنن الترمذي برقم (2989).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (172)

{ يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } لما وسع الأمر على الناس كافة وأباح لهم ما في الأرض سوء ما حرم عليهم ، أمر المؤمنين منهم أن يتحروا طيبات ما رزقوا ويقوموا بحقوقها فقال : { واشكروا لله } على ما رزقكم وأحل لكم . { إن كنتم إياه تعبدون } إن صح أنكم تخصونه بالعبادة ، وتقرون أنه مولى النعم ، فإن عبادته تعالى لا تتم إلا بالشكر . فالمعلق بفعل العبادة هو الأمر بالشكر لإتمامه ، وهو عدم عند عدمه . وعن النبي صلى الله عليه وسلم " يقول الله تعالى : إني والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر غيري " .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (172)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ( 172 )

الطيب هنا يجمع الحلال المستلذ ، والآية تشير بتبعيض { من } إلى الحرام رزق( {[1553]} ) ، وحض تعالى على الشكر والمعنى في كل حالة ، و { إن } شرط ، والمراد بهذا الشرط التثبيت وهز النفس ، كما تقول افعل كذا إن كنت رجلاً .


[1553]:- وهو مذهب أهل السنة كما قال ابن السبكي في جمع الجوامع: والرزق ما ينتفع به ولو كان حراما. والذين يقولون إن الحرام ليس رزقا يجعلون المعنى في الآية: كلوا من مستلذات ما رزقناكم، ويكون الأمر بذلك دفعا لما يتوهم من أن التنوع في المآكل والتفنّن في الطيّبات ممنوع – فكان تخصيص الطيبات بالذكر لهذا المعنى عندهم.