التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (172)

قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفورا رحيم ) هذه الآية تشتمل على فوائد جمة وأحكام تفصيلية عظيمة جديرة بالحديث عنها والتبيين . لكن الآية الأولى فيها إباحة للمؤمنين أن يأكلوا من طيبات الرزق . وقد بينا سابقا معنى الطيب على قولين : أحدهما : أنه الحلال غير المحظور . وثانيهما : أنه ما تلذ به النفس وتستطيبه .

ويأمر الله كذلك أن يشكر المؤمنون ربهم عقيب استمتاعهم بالطيبات من الرزق ، والشكر من العبادة لله يعني الاعتراف بالنعم التي امتن بها الله على الناس ، ويقترن بذلك العمل وهو المبادرة بالامتثال والطاعات ، وبذلك فإن الشكر يكون بالقول والعمل معا . ذلك إن كان المؤمنون يبتغون لأنفسهم الخير والرضى من الله ليظفروا بسليم العاقبة وحسن المآل . وفي الأكل الحلال والاستمتاع بالطيبات من الرزق أخرج الإمام أحمد بإسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( ص ) : " أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) وقال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقكم ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعت أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغُدِيَ بالحرام فأنّى يستجاب لذلك " .