السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} (172)

{ يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات } أي : حلالات { ما رزقناكم .

روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يا أيها الناس إنّ الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : { يأيها الرسل كلوا من الطيبات } ( المؤمنون ، 51 ) وقال : { يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر يمدّ يديه إلى السماء يا رب يا رب أشعث أغبر مطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنّى يستجاب لذلك ؟ ) . ولما وسع الله تعالى الأمر على الناس كافة ، وأباح لهم ما في الأرض سوى ما حرّم عليهم ، أمر المؤمنين منهم أن يتحرّوا طيبات ما رزقوا ويقوموا بحقوقها فقال : { واشكروا } على ما رزقكم وأحل لكم { إن كنتم إياه تعبدون } أي : إن صح أنكم تخصونه بالعبادة وتقرّون أنه مولى النعم ، فإن عبادته لا تتم إلا بالشكر فالمعلق بفعل العبادة هو الأمر بالشكر لإتمامه وهو يعدم عند عدمه . روى البيهقيّ وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يقول الله تعالى : إني والجنّ والإنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر غيري ) .