تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَنَٰجَيۡتُمۡ فَلَا تَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (9)

ثم قال الله مُؤدّبًا عباده المؤمنين ألا يكونوا مثل الكفرة والمنافقين :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ } أي : كما يتناجى به الجهلة من كفرة أهل الكتاب ومن مَالأهم على ضلالهم من المنافقين ، { وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي : فيخبركم{[28404]} بجميع أعمالكم وأقوالكم التي أحصاها عليكم ، وسيجزيكم بها .

قال الإمام أحمد : حدثنا بَهْزُ وعفان قالا أخبرنا همام ، حدثنا قتادة ، عن صفوان بن مُحْرِز قال : كنت آخذًا بيد ابن عمر ، إذ عرض له رجل فقال : كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة ؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كَنَفه ويستره من الناس ، ويقرره بذنوبه ، ويقول له : أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ حتى إذا قَرّره بذنوبه ورأى في نفسه أن قد هلك ، قال : فإني قد سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم . ثم يُعْطَى كتابَ حسناته ، وأما الكفار{[28405]} والمنافقون فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ، ألا لعنة الله على الظالمين " ، أخرجاه في الصحيحين ، من حديث قتادة{[28406]} .


[28404]:- (2) في أ: "فيجزيكم".
[28405]:- (3) في م: "الكافرون".
[28406]:- (4) المسند (2/74) وصحيح البخاري برقم (4685) وصحيح مسلم برقم (1768).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَنَٰجَيۡتُمۡ فَلَا تَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (9)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِالْبِرّ وَالتّقْوَىَ وَاتّقُواْ اللّهَ الّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله إذَا تَناجَيْتُمْ بينكم فَلا تَتَناجَوْا بالإثْمِ وَالعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرّسُولِ وَ لكن تَنَاجَوْا بالْبِرّ يعني طاعة الله وما يقرّبكم منه ، { والتّقْوَى }يقول : وباتقائه بأداء ما كلّفكم من فرائضه واجتناب معاصيه ؛ { وَاتّقُوا اللّهَ الّذِي إلَيْهِ تُحْشَرونَ }يقول : وخافوا الله الذي إليه مصيركم ، وعنده مجتمعكم في تضييع فرائضه ، والتقدّم على معاصيه أن يعاقبكم عليه عند مصيركم إليه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَنَٰجَيۡتُمۡ فَلَا تَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (9)

وصى الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بأن لا يكون لهم تناج في مكروه ، وذلك عام في جميع الناس إلى يوم القيامة ، وخص «الإثم » بالذكر لعمومه ، { والعدوان } لعظمته في نفسه ، إذ هي ظلامات العباد ، وكذلك { معصية الرسول } ذكرها طعناً على المنافقين إذ كان تناجيهم في ذلك .

وقرأ جمهور الناس : «فلا تتناجوا » على وزن تتفاعلوا ، وقرأ ابن محيصن «تناجوا » بحذف التاء الواحدة ، وقرأ بعض القراء : «فلا تّناجوا » بشد التاء لأنها أدغمت التاء في التاء ، وقرأ الأعمش وأهل الكوفة : «فلا تنتجوا » على وزن تفتعلوا . والناس : على ضم العين من «العُدوان » ، وقرأها أبو حيوة بكسر العين حيث وقع . وقرأ الضحاك وغيره : «ومعصيات الرسول » على الجمع فيهما .

ثم أمر بالتناجي { بالبر والتقوى } ، وذكر بالحشر الذي معه الحساب ودخول أحد الدارين وقوله تعالى : { إنما النجوى } ، ليست { إنما } للحصر ولكنها لتأكيد الخبر .