فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَنَٰجَيۡتُمۡ فَلَا تَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (9)

{ يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول } لما فرغ سبحانه عن نهي اليهود والمنافقين عن النجوى ، أرشد المؤمنين إذا تناجوا فيما بينهم أن لا يتناجوا بما فيه إثم وعدوان ومعصية لرسول الله ، كما يفعله اليهود والمنافقون ، وقيل : الخطاب للمنافقين ، والمعنى :يا أيها الذين آمنوا ظاهرا أو بزعمهم ، واختار هذا الزجاج ، وقيل : الخطاب لليهود يا أيها الذين آمنوا بموسى ، والأول أولى ، قال ابن عباس : كان النبي صلى الله عليه وسلم ، إذا بعث سرية وأغزاها إلتقى المنافقون فأنغضوا رؤوسهم إلى المسلمين ويقولون قتل القوم ، وإذا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تناجوا وأظهروا الحزن ، فبلغ ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ومن المسلمين ، فأنزل الله هذه الآية : وأخرجه البخاري ومسلم وغيرهما : " عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث فإن ذلك يحزنه " ( {[1568]} ) ، وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه :

" عن أبي سعيد قال : كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يطرقه أمر أو يأمر بشيء ، فكثر أهل النوب والمحتسبون ليلة ، حتى إذا كنا أنداء نتحدث ، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من الليل فقال : ما هذه النجوى ؟ ألم تنهوا عن النجوى ؟ قلنا : إنا كنا يا رسول الله في ذكر المسيح ، فرقا منه ، فقال : ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي منه ؟ قلنا : بلى يا رسول الله قال : الشرك الخفي أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل " . قال ابن كثير : هذا إسناد غريب ، وفيه بعض الضعفاء ، ثم بين لهم ما يتناجون به في أنديتهم وخلواتهم فقال :

{ وتناجوا بالبر والتقوى } أي بالطاعة وترك المعصية ، ثم خوفهم سبحانه فقال { واتقوا الله الذي إليه تحشرون } فيجزيكم بأعمالكم .


[1568]:رواه البخاري ومسلم.