ثم نهى تعالى المؤمنين وحذرهم أن يجترموا في النجوى ما اجترمه أولئك بقوله :
9 { يأيها الذين ءامنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون } .
{ يأيها الذين ءامنوا إذا تنجايتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وتناجوا بالبر } أي بطاعة الله وما يقربكم منه ، { والتقوى } أي اجتناب ما يؤثم { واتقوا الله الذي إليه تحشرون } أي فيجزيكم بما اكتسبتم مما أحصاه عليكم .
ثم شجع تعالى المؤمنين في قلة المبالاة بمناجاة أعدائهم وأنها لا تضرهم ما داموا مثابرين على وصاياه متكلين عليه بقوله { إنما النجوى من الشيطان } أي النجوى التي ذمها فاللام للعهد ، أي المزين لهذه النجوى بالشر والحامل عليها الشيطان { ليحزن الذين ءامنوا وليس بضارهم } أي الشيطان أو التناجي المذكور { شيئا إلا بإذن الله } أي بمشيئته { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } أي بالمضي في سبيله والاستقامة على أمره وانتظار النصر على أثره .
/لطيفة : قال القاشاني : إنما نهوا عن النجوى لأن التناجي اتصال واتحاد بين اثنين في أمر يختص بهما لا يشاركهما فيه ثالث ، وللنفوس عند الاجتماع والاتصال تعاضد وتظاهر يتقوى ويتأيد بعضها بالبعض فيما هو سبب الاجتماع لخاصية الهيأة الاجتماعية التي لا توجد في الأفراد ، فإذا كانت شريرة يتناجون في الشر ويزاد فيهم الشر ويقوى فيهم المعنى الذي يتناجون به بالاتصال والاجتماع ، ولهذا ورد بعد النهي قوله{ ويتناجون بالإثم } الذي هو رذيلة القوى البهيمية { والعدوان } الذي هو رذيلة القوى الغضبية { ومعصيات الرسول } التي هي رذيلة القوة النطقية بالجهل وغلبة الشيطنة ، ألا ترى كيف نهى المؤمنين بعد هذه الآية عن التناجي بهذه الرذائل المذكورة ، وأمرهم بالتناجي بالخيرات ليتقووا بالهيأة الاجتماعية ويزدادوا فيها فقال وتناجوا بالبر أي الفضائل التي هي أضداد تلك الرذائل من الصالحات والحسنات المخصوصة بكل واحدة ، من القوى الثلاث ، { والتقوى } أي الاجتناب عن أجناس الرذائل المذكورة انتهى .
قال ابن كثير وقد وردت السنة بالنهي عن التناجي حيث يكون في ذلك تأذ على مؤمن ، روى الإمام أحمد{[7005]} عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا كنتم ثلاثة ، فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه " أخرجاه . {[7006]}
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا كنتم ثلاثة ، فلا يتناج اثنان دون الثالث إلا بإذنه فإن ذلك يحزنه " انفرد بإخراجه مسلم . {[7007]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.