تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْۚ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (45)

44

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْۚ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (45)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ } . .

يعني تعالى ذكره بقوله : فَقُطعَ دَابِرَ القَوْمِ الّذِينَ ظَلَمُوا فاستؤصل القوم الذين عتوا على ربهم وكذّبوا رسله وخالفوا أمره عن آخرهم ، فلم يترك منهم أحد إلاّ أهلك بغتة ، إذ جاءهم عذاب الله وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال جماعة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : فَقُطِعَ دابِرُ القَوْمِ الّذِينَ ظَلَمُوا يقول : فقطع أصل الذين ظلموا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فَقُطِعَ دابِرُ القَوْمِ الّذِينَ ظَلَمُوا . قال : استُؤْصلوا .

ودابر القوم : الذي يدبرهم ، وهو الذي يكون في أدبارهم وآخرهم ، يقال في الكلام : قد دبر القوم فلان يدبرهم دبرا ودبورا إذا كان آخرهم ، ومنه قول أمية :

فأُهْلِكُوا بعَذَابٍ حَصّ دابِرَهُمْ ***فما اسْتطاعُوا له صَرْفا ولا انْتَصَرُوا

والحَمْدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ يقول : والثناء الكامل ، والشكر التامّ لله ربّ العالمين على إنعامه على رسله وأهل طاعته ، بإظهار حججهم على من خالفهم من أهل الكفر ، وتحقيق عداتهم ما وعدوهم على كفرهم بالله وتكذيبهم رسله ، من نقم الله وعاجل عذابه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْۚ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (45)

وقوله تعالى : { فقطع دابر القوم } الآية ، «الدابر » آخر الأمر الذي يدبره أي يأتي من خلفه ، ومنه قول الشاعر [ أمية بن أبي الصلت ] [ البسيط ]

فَأُهلِكُوا بعذابٍ حصَّ دَابِرَهُمْ . . . فما استطاعُوا لَهُ دَفْعاً ولا انْتَصَرُوا{[4920]}

وقول الآخر : [ الطويل ]

وَقَدْ زَعَمتْ علْيا بَغِيضٍ وَلَفُّها . . . بَأني وَحِيدٌ قَدْ تَقَطَّع دابري{[4921]}

وهذه كناية عن استئصال «شأفتهم » ومحو آثارهم كأنهم وردوا العذاب حتى ورد آخرهم الذي َََََََََدَبَرهم ، وقرأ عكرمة «فقَطَع » بفتح القاف والطاء «دابرَ » بالنصب ، وحسن الحمد عقب هذه الآية لجمال الأفعال المتقدمة في أن أرسل الرسل وتلطف في الأخذ بالبأساء والضراء ليتضرع إليه فيرحم وينعم ، وقطع في آخر الأمر دابر الظلمة ، وذلك حسن في نفسه ونعمة على المؤمنين فحسن الحمد يعقب هذه الأفعال ، وبحمد الله ينبغي أن يختم كل فعل وكل مقالة لا رب غيره .


[4920]:- البيت لأمية بن أبي الصلت، وقد روي في "القرطبي" وفي "البحر المحيط": "فما استطاعوا له صرفا" ومعنى حصّ: استأصل.
[4921]:- لم نعثر على هذا البيت في المراجع التي بين أيدينا، ولم يستشهد به أحد من المفسرين المشهورين، ولم يذكره في اللسان.