تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ كِتَٰبٗا فَهُمۡ عَلَىٰ بَيِّنَتٖ مِّنۡهُۚ بَلۡ إِن يَعِدُ ٱلظَّـٰلِمُونَ بَعۡضُهُم بَعۡضًا إِلَّا غُرُورًا} (40)

يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين : { أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } أي : من الأصنام والأنداد ، { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ } أي : ليس لهم شيء من ذلك ، ما يملكون من قطمير .

وقوله : { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ } أي : أم أنزلنا عليهم كتابا بما يقولون من الشرك والكفر ؟ ليس الأمر كذلك ، { بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلا غُرُورًا } أي : بل إنما اتبعوا في ذلك أهواءهم وآراءهم وأمانيهم التي تمنوها لأنفسهم ، وهي غرور وباطل وزور .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ كِتَٰبٗا فَهُمۡ عَلَىٰ بَيِّنَتٖ مِّنۡهُۚ بَلۡ إِن يَعِدُ ٱلظَّـٰلِمُونَ بَعۡضُهُم بَعۡضًا إِلَّا غُرُورًا} (40)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ الّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَىَ بَيّنَةٍ مّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاّ غُرُوراً } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قُلْ يا محمد لمشركي قومك أرأيْتُمْ أيها القوم شُرَكاءَكُمُ الّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أرُونِي ماذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ يقول : أروني أيّ شيء خلقوا من الأرض أمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السّمَوَاتِ يقول : أم لشركائكم شرك مع الله في السموات ، إن لم يكونوا خَلَقوا من الأرض شيئا أَمْ آتَيْناهُمْ كِتابا فَهُمْ عَلى بَيّنَةٍ مِنْهُ يقول : أم آتينا هؤلاء المشركين كتابا أنزلناه عليهم من السماء بأن يشركوا بالله الأوثان والأصنام ، فهم على بيّنة منه ، فهم على برهان مما أمرتهم فيه من الإشراك بي . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قُلْ أرأيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ أرُونِي ماذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ لا شيء والله خَلَقوا منها أمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السّمَوَاتِ لا والله ما لهم فيها شرك أمْ آتَيْناهُمْ كِتابا فَهُمْ عَلى بَيّنَةٍ منه ، يقول : أم آتيناهم كتابا فهو يأمرهم أن يشركوا .

وقوله : بَلْ إنْ يَعِدُ الظّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضا إلاّ غُرُورا وذلك قول بعضهم لبعض : ما نعْبُدُهُمْ إلاّ لِيُقَرّبُونا إلى اللّهِ زُلْفَى خداعا من بعضهم لبعض وغرورا ، وإنما تزلفهم آلهتهم إلى النار ، وتقصيهم من الله ورحمته .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ كِتَٰبٗا فَهُمۡ عَلَىٰ بَيِّنَتٖ مِّنۡهُۚ بَلۡ إِن يَعِدُ ٱلظَّـٰلِمُونَ بَعۡضُهُم بَعۡضًا إِلَّا غُرُورًا} (40)

{ قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله } يعني آلهتهم والإضافة إليهم لأنهم جعلوهم شركاء الله أو لأنفسهم فيما يملكونه . { أروني ما ذا خلقوا من الأرض } بدل من أرأيتم بدل الاشتمال لأنه بمعنى أخبروني كأنه قال : أخبروني عن هؤلاء الشركاء أروني أي جزء من الأرض استبدوا بخلقه . { أم لهم شرك في السماوات } أم لهم شركة مع الله في خلق السموات فاستحقوا بذلك شركة في الألوهية ذاتية . { أم آتيناهم كتابا } ينطق على أنا اتخذناهم شركاء . { فهم على بينة منه } على حجة من ذلك الكتاب بأن لهم شركة جعلية ، ويجوز أن يكون هم للمشركين كقوله تعالى : { أم أنزلنا عليهم سلطانا } وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب وأبو بكر والكسائي " على بينات " فيكون إيماء إلى أن الشرك خطير لا بد فيه من تعاضد الدلائل . { بل أن يعد الظالمون بعضهم إلا غرورا } لما نفى أنواع الحجج في ذلك أضرب عنه بذكر ما حملهم عليه وهو تغرير الأسلاف الأخلاف أو الروساء الأتباع بأنهم شفعاء عند الله يشفعون لهم بالتقرب إليهم .