فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ كِتَٰبٗا فَهُمۡ عَلَىٰ بَيِّنَتٖ مِّنۡهُۚ بَلۡ إِن يَعِدُ ٱلظَّـٰلِمُونَ بَعۡضُهُم بَعۡضًا إِلَّا غُرُورًا} (40)

ثم أمره سبحانه أن يوبخهم ويبكتهم فقال : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ } أي أخبروني عن الشركاء الذين اتخذتموهم آلهة وعبدتموهم { مِن دُونِ الله } أي غيره وهم الأصنام وغيرها

{ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ } بدل اشتمال من أرأيتم والمعنى : أخبروني عن شركائكم أروني أي شيء خلقوا من الأرض ، وقيل : إن الفعلين وهما أرأيتم وأروني من باب التنازع ، وقد أعمل الثاني على ما هو اختيار البصريين .

{ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ } أي أم لهم شركة مع الله في خلقها أو ملكها أو التصرف فيها ؟ حتى يستحقوا بذلك الشركة في الإلهية .

{ أَمْ آتَيْنَاهُمْ } الضمير فيه وفي قوله لهم : الأحسن أن يعود إلى الشركاء لتناسق الضمائر ، وقيل : يعود على المشركين فيكون التفاتا من الخطاب إلى الغيبة أي : أم أنزلنا عليهم .

{ كِتَابًا } بالشركة وأم في الموضعين منقطعة بمعنى : بل والهمزة فيكون قد أضرب عن الاستفهام الأول ، وشرع في استفهام آخر ، والاستفهام إنكاري .

{ فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ } أي على حجة ظاهرة واضحة من ذلك الكتاب قرئ : بينة بالتوحيد وبالجمع ، قال مقاتل : يقول هل أعطينا كفار مكة كتابا فهم على بيان بأن مع الله شريكا ، ثم أضرب سبحانه عن هذا إلى غيره فقال :

{ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلاَ غُرُورًا } أي ما يعد الظالمون بعضهم بعضا – كما يفعله الرؤساء والقادة من المواعيد لأتباعهم – إلا غرورا يغرونهم به ، ويزينونه لهم ، وهو الأباطيل التي تغر ولا حقيقة لها ، وذلك قولهم : إن هذه الآلهة تنفعهم وتقربهم إلى الله وتشفع لهم عنده ، وقيل : إن الشياطين تعد المشركين بذلك : وقيل : المراد بالوعد الذي يعد بعضهم بعضا هو أنهم ينصرون على المسلمين ويغلبونهم .