تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ كِتَٰبٗا فَهُمۡ عَلَىٰ بَيِّنَتٖ مِّنۡهُۚ بَلۡ إِن يَعِدُ ٱلظَّـٰلِمُونَ بَعۡضُهُم بَعۡضًا إِلَّا غُرُورًا} (40)

الآية 40 وقوله تعالى : { قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض } ظاهر قوله { أروني } /443-أ/ أمر لكنه يخرّج على وجهين :

أحدهما : على الإعجاز : أي [ يعجز ، ولا ]{[17332]} يقدر ما تعبدون من دونه خلق السماوات والأرض ولا اشتراكه في خلق السماوات والأرض ولا إنزال كتاب من السماء ليأمرهم بذلك ، بل الله هو الخالق لذلك كله ، وهو القادر عليه ، فكيف صرفتم العبادة عنه والألوهية إلى من هو عاجز عن ذلك كله ؟

والثاني : على التنبيه والتعيير لهم والتّسفيه لأحلامهم . يقول ، والله أعلم : إنكم تعلمون أن الأصنام التي تعبدونها دون الله ، وتسمّونها آلهة ، لم يخلقوا شيئا مما ذكر ولا لهم شرك في ذلك ، ولا لكم كتاب يبيح لكم ذلك ، ويأذن لكم ، وتعلمون أن الله هو الفاعل لذلك كله حين قال : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله } [ لقمان : 25 ] ولا لهم كتاب في ذلك لأن الكتاب جهة [ وصول الرسول إليه ]{[17333]} ، وأنتم لا تؤمنون بالرسول ، فكيف عبدتموها ؟ وتركتم عبادة من تعلمون أنه الفاعل لذلك والقادر عليه .

وقوله تعالى : { ماذا خلقوا من الأرض } يحتمل جواهر الأرض نفسها ، ويحتمل الخارج منها مما به معاشهم وقوامهم . وكذلك قوله : { أم لهم شرك في السماوات } يحتمل في جواهرها ، ويحتمل ما ينزل منها مما به معاشهم وأرزاقهم .

وقوله تعالى : { فهُم على بينات منه } أي على حجة وبيان منه .

وقوله تعالى : { بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا } يحتمل وعدهم الذي ذكر [ بعضهم لبعض ]{[17334]} ما قاله القادة منهم والرؤساء للأتباع : { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } [ يونس : 18 ] [ وقالوا ]{[17335]} : { ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله زلفى } [ الزمر : 3 ] وما لبسوا هم على الأتباع من أمر{[17336]} الكتاب والرسول : أنه{[17337]} ساحر ، كذّاب ، وأنه مفتر ، وأمثال ذلك مما يكثر عدده . فذلك كله منهم تغرير للأتباع .


[17332]:في الأصل: لا يعجز أو، في م: لا يعجز.
[17333]:في الأصل وم: وصوله إليه الرسول.
[17334]:في الأصل وم: لبعضهم بعضا.
[17335]:في الأصل وم: و.
[17336]:من م، في الأصل: أم.
[17337]:في الأصل وم: هو.