الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ كِتَٰبٗا فَهُمۡ عَلَىٰ بَيِّنَتٖ مِّنۡهُۚ بَلۡ إِن يَعِدُ ٱلظَّـٰلِمُونَ بَعۡضُهُم بَعۡضًا إِلَّا غُرُورًا} (40)

ثم قال تعالى : { قل أرأيتم شركاءكم } أي : قل يا محمد لهؤلاء المشركين : أخبروني عن شركائكم الذين تدعون من دون الله ، { ماذا خلقوا من الأرض } أي : هل خلقوا شيئا ، { أم لهم شرك في السماوات } إن لم يكونوا {[56271]} خلقوا في الأرض شيئا أم أعطاكم الله كتابا أن تشركوا بها ، وتعبدونها من دون الله ، فأنتم على حجج من عبادتكم لها إن كان معكم شيء من ذلك فهل عبدتموها لأمر من هذه الأمور ، فيقوم لكم بذلك عذر أم عبدتموها لا لمعنى ، فتظهر لكم خطاياكم وكذلك فعلوا ألا ترى أنهم لم يجدوا حجة من عبادتهم لها إلا أن { قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين } {[56272]} .

ومعنى " أرأيتم " عند سيبويه : أخبروني عن كذا {[56273]} ، على ( معنى ) {[56274]} التوقيف ، وأجاز سيبويه " قد علمت زيد أبو من هو " بالرفع لأن زيدا في المعنى مستفهم عنه ، ولو جعلت موضع علمت أرأيت ، لم يجز الرفع لأنه بمعنى أخبرني عن زيد {[56275]} ، فلا يصلح أن يعلق ، إذ خرج عن حد ما يدخل على الابتداء والخبر ، وحسن تعليق علمت لأنها داخلة على الابتداء والخبر .

ثم قال : { بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا } أي : ليس لآلهتهم شيء من هذه الخلال ، فقولهم : ما نعبد آلهتنا إلا لتقربنا إلى الله زلفى خداع من بعضهم لبعض ، وحسن إضافة الشركاء إليهم لأنهم هم اختلقوها وجعلوها شركا لله .

و " بينت " في الخط بالتاء وذلك يدل على أنه جمع لأنه لو كان واحدا لم يكتب بالتاء لأنه منون ، وإن ما وقع بالتاء من هذا النوع ما كان غير منون نحو " رحمت ربي " و[ . . . ] {[56276]} الله وشبه ذلك .

وأيضا فإن كثيرا من المصاحف كتبت " بينات " فيه بألف قبل التاء فمن قرأ بالتوحيد {[56277]} فلا يخلو من أن يكون خالف الخط ، ومخالفته لا تجوز ، أو تكون قراءة على لغة الذين قالوا في طلحة : طلحت فوقفوا بالتاء ، وهي لغة شاذة .


[56271]:في الأصل: يكن
[56272]:الأنبياء آية 53
[56273]:انظر: الكتاب لسيبويه 1/239 والمحرر الوجيز 13/180
[56274]:مثبت في طرة أ
[56275]:انظر: الكتاب لسيبويه 1/239 و2/313 وإعراب النحاس 9/375
[56276]:هكذا صورتها في الأصل: "نعمت" ولم أهتد إلى معرفتها.
[56277]:قرأ "بينة" بالتوحيد ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وحفص. انظر: السبعة لابن مجاهد 535، والنشر لابن الجزري بإضافة خلف 2/352 وقرأ "بينات" بالجمع نافع وابن عامر وأبو بكر والكسائي انظر: الكشف لمكي 2/211، والتيسير للداني 182