تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية .

قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، عن عاصم ، عن زِرٍّ ، أن رجلا قال لابن مسعود : كيف تعرف هذا الحرف : " ماء غير ياسن أو آسن " ؟ فقال : كل القرآن قد قرأت . قال : إني لأقرأ المفصل ؛ أجمع في ركعة واحدة . فقال : أهذًّا كهذِّ الشعر ، لا أبا لك ؟ قد علمت قرائن النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يقرن قرينتين قرينتين من أول المفصل ، وكان أول مفصل ابن مسعود : { الرحمن } - {[1]} .

وقال أبو عيسى الترمذي : حدثنا عبد الرحمن بن واقد أبو مسلم ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن زهير بن محمد ، عن محمد بن المُنْكَدِر ، عن جابر قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقرأ عليهم سورة " الرحمن " من أولها إلى آخرها ، فسكتوا فقال : " لقد قرأتها على الجن ليلة الجن ، فكانوا أحسن مردودا منكم ، كنت كلما أتيت على قوله : { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } ، قالوا : لا بشيء من نعمك - ربنا - نكذب ، فلك الحمد " {[2]} .

ثم قال : هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم ، عن زهير بن محمد . ثم حكي عن الإمام أحمد أنه كان لا يعرفه ، ينكر {[3]} رواية أهل الشام عن زهير بن محمد هذا .

ورواه الحافظ أبو بكر البزار ، عن عمرو بن مالك ، عن الوليد بن مسلم . وعن عبد الله بن أحمد بن شبوية ، عن هشام بن عمار ، كلاهما عن الوليد بن مسلم ، به . ثم قال : لا نعرفه يروى إلا من هذا الوجه{[4]} .

وقال أبو جعفر بن جرير : حدثنا محمد بن عباد بن موسى ، وعمرو بن مالك البصري قالا حدثنا يحيى بن سليم ، عن إسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة " الرحمن " - أو : قُرِئَت عنده - فقال : " ما لي أسمع الجن أحسن جوابا لربها منكم ؟ " قالوا : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : " ما أتيت على قول الله : { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } إلا قالت الجن : لا بشيء من نعمة{[5]} ربنا نكذب " .

ورواه الحافظ البزار عن عمرو بن مالك ، به {[6]} . ثم قال : لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد .

يخبر تعالى عن فضله ورحمته بخلقه : أنه أنزل على عباده القرآن ويسر حفظه وفهمه على من رحمه ، فقال : { الرَّحْمَنُ . عَلَّمَ الْقُرْآنَ . خَلَقَ الإنْسَانَ . عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } قال الحسن : يعني : النطق{[27842]} . وقال الضحاك ، وقتادة ، وغيرهما : يعني الخير والشر . وقول الحسن ها هنا أحسن وأقوى ؛ لأن السياق في تعليمه تعالى القرآن ، وهو أداء تلاوته ، وإنما يكون ذلك بتيسير النطق على الخلق وتسهيل خروج الحروف من مواضعها من الحلق واللسان والشفتين ، على اختلاف مخارجها وأنواعها .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
[4]:في د: "إنهم قالوا".
[5]:في د: "تكفروهما".
[6]:تفسير الطبري (11/228).
[27842]:- (1) في أ: "المنطق".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { الرّحْمََنُ * عَلّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلّمَهُ البَيَانَ * الشّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } .

يقول تعالى ذكره : الرحمن أيها الناس برحمته إياكم علمكم القرآن ، فأنعم بذلك عليكم ، إذ بصّركم به ما فيه رضا ربكم ، وعرّفكم ما فيه سخطه ، لتطيعوه باتباعكم ما يرضيه عنكم ، وعملكم بما أمركم به ، وبتجنبكم ما يُسخطه عليكم ، فتستوجبوا بذلك جزيل ثوابه ، وتنجوا من أليم عقابه . وروي عن قتادة في ذلك ما :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن مروان العقيلي ، قال : حدثنا أبو العوام العجلي ، عن قتادة ، أنه قال في تفسير الرّحْمَنُ عَلّمَ القُرْآنَ قال : نعمة والله عظيمة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الرحمن مكية أو مدنية أو متبعضة وآيها ثمان وسبعون آية .

بسم الله الرحمن الرحيم الرحمن * علم القرآن لما كانت السورة مقصورة على تعداد النعم الدنيوية والأخروية صدرها ب الرحمن وقدم ما هو أصل النعم الدينية وأجلها وهو إنعامه بالقرآن وتنزيله وتعليمه فإنه أساس الدين ومنشأ الشرع وأعظم الوعي وأعز الكتب إذ هو بإعجازه واشتماله على خلاصتها مصدق لنفسه ومصداق لها .