البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱلرَّحۡمَٰنُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الرحمن

هذه السورة مكية في قول الجمهور ، مدنية في قول ابن مسعود . وعن ابن عباس : القولان ، وعنه : سوى آية هي مدنية ، وهي : { يَسْأَلُهُ مَن فِى السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ } الآية . وسبب نزولها فيما قال مقاتل : أنه لما نزل

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُواْ لِلرَّحْمَنِ }

الآية ، قالوا : ما نعرف الرحمن ، فنزلت : { الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْءانَ } . وقيل : لما قالوا

{ إِنَّمَا يُعَلّمُهُ بَشَرٌ }

، أكذبهم الله تعالى وقال : { الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْءانَ } . وقيل : مدنية نزلت ، إذ أبى سهيل بن عمرو وغيره أن يكتب في الصلح : { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } . ومناسبة هذه السورة لما قبلها : أنه لما ذكر مقر المتقين في جنات ونهر عند مليك مقتدر ، ذكر شيئاً من آيات الملك وآثار القدرة ، ثم ذكر مقر الفريقين على جهة الإسهاب ، إذ كان في آخر السورة ذكره على جهة الاختصار والإيجاز .

0

0

والظاهر أن { الرحمن } مرفوع على الابتداء ، { وعلم القرآن } خبره .

وقيل : { الرحمن } آية بمضمر ، أي الله الرحمن ، أو الرحمن ربنا ، وذلك آية ؛ و { علم القرآن } استئناف إخبار .

ولما عدّد نعمه تعالى ، بدأ من نعمه بما هو أعلى رتبها ، وهو تعليم القرآن ، إذ هو عماد الدين ونجاة من استمسك به .