تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖ نَّحۡنُ وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (35)

يخبر تعالى عن اغترار المشركين بما هم فيه من الشرك واعتذارهم محتجين بالقدر ، في قولهم : { لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } أي : من البحائر والسوائب والوصائل وغير ذلك ، مما كانوا ابتدعوه واخترعوه من تلقاء{[16425]} أنفسهم ، ما لم ينزل الله به سلطانا .

ومضمون كلامهم : أنه لو كان تعالى كارهًا لما فعلنا ، لأنكره علينا بالعقوبة ولما مكنا{[16426]} منه . قال الله رادًا عليهم شبهتهم : { فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ } أي : ليس الأمر كما تزعمون أنه لم يعيره عليكم{[16427]} ولم{[16428]} ينكره ، بل قد أنكره عليكم أشد الإنكار ، ونهاكم عنه آكد النهي ،


[16425]:في ف: "من قبل".
[16426]:في ت: "ولما مكننا"، وفي ف: "ولا مكننا".
[16427]:في ت، أ: "لم يعير".
[16428]:في أ: "ولا".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖ نَّحۡنُ وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (35)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ الّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نّحْنُ وَلآ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرّسُلِ إِلاّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ } .

يقول تعالى ذكره : وقال الذين أشركوا بالله فعبدوا الأوثان والأصنام من دون الله : ما نعبد هذه الأصنام إلا لأن الله قد رضي عبادتنا هؤلاء ، ولا نحرم ما حرمنا من البحائر والسوائب إلا أن الله شاء منا ومن آبائنا تحريمناها ورضيه ، لولا ذلك لقد غير ذلك ببعض عقوباته أو بهدايته إيانا إلى غيره من الأفعال . يقول تعالى ذكره : كذلك فعل الذين من قبلهم من الأمم المشركة الذين استنّ هؤلاء سنتهم ، فقالوا مثل قولهم ، وسلكوا سبيلهم في تكذيب رسل الله واتباع أفعال آبائهم الضلال . وقوله : فَهَلْ على الرّسُلِ إلاّ البَلاغُ المُبِينُ يقول جلّ ثناؤه : فهل أيها القائلون لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا على رسلنا الذين نرسلهم بانذاركم عقوبتنا على كفركم ، إلا البلاغ المبين يقول : إلا أن تبلغكم ما أرسلنا إليكم من الرسالة . ويعني بقوله المُبِينُ : الذي يبين عن معناه لمن أبلغه ، ويفهمه من أرسل إليه .