الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖ نَّحۡنُ وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (35)

[ و{[38875]} ] قوله : { وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء } [ 35 ] إلى قوله : { وما لهم من ناصرين } [ 37 ] .

معناه : وقال الذين عبدوا مع الله [ سبحانه{[38876]} ] غيره من الأوثان والأصنام من قريش وغيرهم ، قد رضي الله عنا في عبادتنا ما عبدنا . لأنه لو شاء ، ما عبدناها ، ولو شاء ما حرمنا البحائر والسوائب ، وما بقينا على ما نحن عليه ، إلا لأن الله [ عز وجل{[38877]} ] قد رضي ذلك . ولو لم يرض عنا لغير ذلك ببعض عقوباته ولهدانا إلى غيرهن الأفعال{[38878]} .

قال الله [ عز وجل{[38879]} ] { كذلك فعل الذين من قبلهم } من الأمم المشركة فاستن{[38880]} هؤلاء بسنتهم وسلكوا سبيلهم في تكذيب الرسل{[38881]} .

{ فهل{[38882]} على الرسل{[38883]} إلا البلاغ المبين } [ 35 ] .

أي : البلاغ الظاهر المعنى المفهوم عند المرسل إليه . وهذا{[38884]} القول الذي قالوه إنما{[38885]} قالوه على طريق الهزء{[38886]} والاستخفاف . كما قال قوم شعيب عليه السلام له : { إنك لأنت الحليم الرشيد }{[38887]} على طريق الهزء{[38888]} . ولو قالوه على طريق الجد{[38889]} : لو شاء الله ما أذنبت ، ولو شاء الله ما قتلت النفس ، لم يكن بذلك كافرا ولا منقوصا ، وكان كلامه حسنا . وإنما فبح [ كلام{[38890]} ] أولئك وكان كفرا لأنهم قالوه على طريق الهزء{[38891]} لا على طريق الجد{[38892]} . وقد اتفقت الأمة أن الله لو شاء{[38893]} ألا يعبد غيره لم{[38894]} يكن إلا ذلك . ولكنه تبارك وتعالى وفق من أحب إلى ما يرضيه بتوفيقه ، وأضل من أحب ضلاله{[38895]} بخذلانه له{[38896]} .


[38875]:ساقط من ط.
[38876]:ساقط من ق.
[38877]:انظر: المصدر السابق.
[38878]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 14/103.
[38879]:ساقط من ق.
[38880]:ق : فاشرب.
[38881]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 14/103.
[38882]:في النسختين ق وط: وما على ...
[38883]:ط: الرسول.
[38884]:ق: وهو القول ...
[38885]:ق: قالوا لما قالوه على ...
[38886]:ق: الهوى.
[38887]:هود: 87.
[38888]:ق: الهزل.
[38889]:انظر : في كون قول قوم شعيب إنما كان على جهة الاستهزاء جامع البيان [المحقق] 15/452.
[38890]:ساقط من ق.
[38891]:ق : "الهزل". انظر: في كون قول قوم شعيب إنما كان على جهة الاستهزاء. جامع البيان (المحقق) 15/452 و 453.
[38892]:ط: "الجر".
[38893]:ط: "... الأمة إن لو شاء الله إلا يعبد".
[38894]:ق: ولم.
[38895]:ق : إضلاله.
[38896]:التمييز بين أن يكون القول بالجد أو بالهزء هو للزجاج. انظر: معاني الزجاج 3/197 والمحرر 10/182 والجامع 10/69.