السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖ نَّحۡنُ وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (35)

{ وقال الذين أشركوا } للنبيّ صلى الله عليه وسلم استهزاء ومنعاً للبعثة والتكليف { لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا } لأنهم اعتقدوا أن كون الأمر كذلك يمنع من جواز بعثة الرسل وهو اعتقاد باطل ، فلذلك استحقوا عليه الذم والوعيد ثم قالوا لهم : { ولا حرّمنا من دونه من شيء } أي : من السوائب والبحائر والحامي فهو راض به وبمشيئته وحينئذ فلا فائدة في مجيئك وفي إرسالك وهذا عين ما حكاه الله تعالى عنهم في سورة الأنعام في قوله تعالى : { سيقول الذين أشركوا لو شاء الله } [ الأنعام ، 148 ] الآية . قال الله تعالى : { كذلك فعل الذين من قبلهم } أي : من تقدّم هؤلاء من الكفار من الأمم الماضية كانوا على هذه الطريقة ، وهذا الفعل الخبيث فإنكار بعثة الرسل كان قديماً في الأمم الخالية ففي ذلك تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلم وكذا في قوله تعالى : { فهل على الرسل إلا البلاغ } أي : الإبلاغ . { المبين } أي : البين فليس عليهم هداية أحد إنما عليهم تبليغ ما أرسلوا به إلى من أرسلوا إليه .