تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ يَنزَغُ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٗا مُّبِينٗا} (53)

يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين ، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة ؛ فإنه إذ لم يفعلوا ذلك ، نزغ الشيطان بينهم ، وأخرج الكلام إلى الفعال ، ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة ، فإن الشيطان عدو لآدم وذريته من حين امتنع من السجود لآدم ، فعداوته ظاهرة بينة ؛ ولهذا نهى أن يشير الرجل إلى أخيه المسلم بحديدة ، فإن الشيطان ينزغ في يده ، أي : فربما أصابه بها .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا مَعْمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يشيرنّ أحدكم إلى أخيه بالسلاح ، فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان أن ينزع في يده ، فيقع في حفرة من نار{[17602]} .

أخرجاه من حديث عبد الرزاق{[17603]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، أنبأنا علي بن زيد ، عن الحسن قال : حدثني رجل من بني سَلِيط قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أزْفَلَة من الناس ، فسمعته يقول : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ، التقوى هاهنا - [ قال حماد : وقال بيده إلى صدره - ماتواد رجلان في الله فتفرَّق بينهما إلا بحدث يحدثه أحدهما ]{[17604]} والمحدث شَر ، والمحدث شر ، والمحدث شر " {[17605]} .


[17602]:في ف، أ: "النار".
[17603]:المسند (2/317) وصحيح البخاري برقم (7073) وصحيح مسلم برقم (2617).
[17604]:زيادة من ف، أ، والمسند.
[17605]:المسند (5/71).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ يَنزَغُ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٗا مُّبِينٗا} (53)

وقوله : وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا التي هِيَ أحْسَنُ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وقل يا محمد لعبادي يقل بعضهم لبعض التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة . كما :

حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : حدثنا النضر ، قال : أخبرنا المبارك ، عن الحسن في هذه الاَية وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا التي هِيَ أحْسَنُ قال : التي هي أحسن ، لا يقول له مثل قوله يقول له : يرحمك الله يغفر الله لك .

وقوله : إنّ الشّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ يقول : إن الشيطان يسوء محاورة بعضهم بعضا ينزغ بينهم ، يقول : يفسد بينهم ، يهيج بينهم الشرّ إنّ الشّيْطانَ كانَ للإنْسانِ عَدُوّا مُبِينا يقول : إن الشيطان كان لاَدم وذرّيته عدوّا ، قد أبان لهم عداوته بما أظهر لاَدم من الحسد ، وغروره إياه حتى أخرجه من الجنة .