فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ يَنزَغُ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٗا مُّبِينٗا} (53)

{ وَقُل لعِبَادِي يَقُولُوا التي هِيَ أَحْسَنُ } أي قل : يا محمد لعبادي المؤمنين : إنهم يقولون عند محاورتهم للمشركين الكلمة التي هي أحسن من غيرها من الكلام الحسن كقوله سبحانه : { وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ } [ العنكبوت : 46 ] . وقوله : { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً } [ طه : 44 ] لأن المخاشنة لهم ربما تنفرهم عن الإجابة أو تؤدي إلى ما قال سبحانه : { وَلاَ تَسُبُّوا الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله فَيَسُبُّوا الله عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ } [ الأنعام : 108 ] . وهذا كان قبل نزول آية السيف ، وقيل : المعنى : قل لهم يأمروا بما أمر الله وينهوا عما نهى عنه ، وقيل : هذه الآية للمؤمنين فيما بينهم خاصة ، والأوّل أولى كما يشهد به السبب الذي سنذكره إن شاء الله { إِنَّ الشيطان يَنزَغُ بَيْنَهُمْ } أي : بالفساد وإلقاء العداوة والإغراء . قال اليزيدي : يقال نزغ بيننا أي : أفسد . وقال غيره : النزغ الإغراء { إِنَّ الشيطان كَانَ للإنسان عَدُوّا مُبِينًا } أي : متظاهراً بالعداوة مكاشفاً بها ، وهو تعليل لما قبله ، وقد تقدّم مثل هذا في البقرة .

/خ55