السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ يَنزَغُ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٗا مُّبِينٗا} (53)

ولما ذكر تعالى الحجة اليقينية في صحة المعاد وهو قوله تعالى : { قل الذي فطركم أوّل مرّة } قال تعالى : { وقل } يا محمد { لعبادي } أي : المؤمنين لأنّ لفظ العباد في أكثر آيات القرآن مختص بالمؤمنين قال تعالى : { فبشر عباد 17 الذين يستمعون القول } [ الزمر : 17 ، 18 ] . وقال تعالى : { فادخلي في عبادي } [ الفجر ، 29 ] . وقال تعالى : { عيناً يشرب بها عباد الله } [ الإنسان ، 6 ] . { يقولوا } للكفار الذين كانوا يؤذونهم الكلمة { التي هي أحسن } ولا يكافؤهم على سفههم بل يقولون يهديكم الله وكان هذا قبل الأذن بالقتال وقيل نزلت في عمر بن الخطاب شتمه بعض الكفار فأمره الله تعالى بالعفو وقيل أمر المؤمنين بأن يقولوا ويفعلوا الخلة التي هي أحسن وقيل الأحسن قول لا إلى إلا الله ، ثم علل بقوله تعالى : { إن الشيطان } أي : البعيد عن الرحمة المحترق باللعنة { ينزغ بينهم } أي : يفسد ويغري بعضهم على بعض ويوسوس لهم لتقع بينهم المشارّة والمشاقة وأصل النزغ الطعن وهم غير معصومين فيوشك أن يأتوا بما لا يناسب الحال . ثم علل تعالى هذه العلة بقوله تعالى : { إنّ الشيطان كان } أي : في قديم الزمان وأصل الطبع كوناً هو مجبول عليه { للإنسان عدوًّا } أي : بليغ العداوة { مبيناً } أي : بين العداوة .