الآية 53 : وقوله تعالى : { وقل لعبادي يقولوا التي هي أحس } يحتمل قوله : { التي هي أحسن }الوجوه الثلاثة :
أحدهما : الدعوة كقوله : { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة }( النحل : 125 )فالتأنيث للدعوة ، كأنه قال : ادعوا لهم الدعوة التي على إضمار الدعوة ، وجائز على إضمار الحسنة ، أي قل لهم أن يقولوا لهم الحسنة ، هي أحسن ، أو على إضمار الأقوال التي هي أحسن الأقوال ، وإلا فظاهره أن يقول : قولوا{[10964]} الذي هو أحسن .
والثاني : على إضمار المجادلة والمناظرة معهم كقوله : { وجادلهم بالتي هي أحسن }( النحل : 125 )أمر رسوله أن يجادلهم أحسن المجادلة والمحاجة معهم .
والثالث : في حسن المعاملة معهم والعفو والصفح عما كان منهم إلى المسلمين من أنواع الأذى ، فأمرهم أن يحسنوا معاملتهم ، ويصفحوا عنهم ( كقوله ){[10965]} { فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين }( المائدة : 13 )وكقوله : { ادفع بالتي هي أحسن }( المؤمنون : 96 )وكقوله{[10966]}{ والكاظمين الغيظ }الآية{ آل عمران : 134 }ونحوه من الآيات أمرهم أن يعاملوا أولئك أحسن المعاملة ، ولا يكافئهم بسوء صنيعهم ، ولكن يعفون عنهم ، ويصفحون لما لعلهم يكونون أولياء{ جميعا }( المعارج : 10 ) ، على ما أخبر ، ويصيرون إخوانا لهم من بعد هذا في حق وأما من جهة الحكمة ، وهي{[10967]} أن الله تعالى أنشأ هذا اللسان ، وجعله ترجمانا بين الخلق ، به يفهم بعضهم من بعض ، وبه تقضى حوائج{[10968]} بعضهم من بعض ، وبه قوام معاشهم ومعاملتهم{[10969]} ، وبه بعث الرسل والكتب جميعا ، فإذا كان كذلك فالواجب ألا يستعمل إلا في الخير والحكمة ، ولا ينطق به إلا ما هو أحسن وأصوب ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { إن الشيطان ينزغ بينهم } أي يفسد بينهم ، ويوسوس إليهم ، ويُعَدِّي بعضهم على بعض ليفسد بينهم ، وذلك دأبه { إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا } أي كان الشيطان منذ كان للإنسان عدوا مظهرا{[10970]} عداوته{ مبينا } جعل الله تعالى الشيطان بحيث يوسوس إليهم ، ويدعوهم إلى أشياء يظنون أن ذلك خير لهم ، وأبدا يلقي إليهم ما يقع لهم ، ويُحَبِّبُ إلى كل مذهبا ، يقع عنده أنه{[10971]} الحق فيقصد بذلك الإفساد وإلقاء العداوة بينهم . أبدا هذا دأبه وشأنه ؛ يجبر كلا إلى جهة ، ويري كل أحد جهة غير الجهة التي أرى الآخر ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.