قوله تعالى { وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم وإن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا . وربك أعلم بمن في السموات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داوود زبورا } .
اعلم أن قوله : { قل لعبادي } فيه قولان :
القول الأول : أن المراد به المؤمنون ، وذلك لأن لفظ العباد في أكثر آيات القرآن ، مختص بالمؤمنين قال تعالى : { فبشر عباد * الذين يستمعون القول } وقال : { فادخلي في عبادي } وقال : { عينا يشرب بها عباد الله } .
إذا عرفت هذا فنقول : إنه تعالى لما ذكر الحجة اليقينية في إبطال الشرك وهو قوله : { لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا } وذكر الحجة اليقينية في صحة المعاد وهو قوله : { قل الذي فطركم أول مرة } قال في هذه الآية وقل يا محمد لعبادي إذا أردتم إيراد الحجة على المخالفين فاذكروا تلك الدلائل بالطريق الأحسن . وهو أن لا يكون ذكر الحجة مخلوطا بالشتم والسب ، ونظير هذه الآية قوله : { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة } وقوله : { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } وذلك لأن ذكر الحجة لو اختلط به شيء من السب والشتم لقابلوكم بمثله كما قال : { ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم } ويزداد الغضب وتتكامل النفرة ويمتنع حصول المقصود ، أما إذا وقع الاقتصار على ذكر الحجة بالطريق الأحسن الخالي عن الشتم والإيذاء أثر في القلب تأثيرا شديدا فهذا هو المراد من قوله : { وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن } ثم إنه تعالى نبه على وجه المنفعة في هذا الطريق فقال : { إن الشيطان ينزغ بينهم } جامعا للفريقين أي متى صارت الحجة مرة ممزوجة بالبذاءة صارت سببا لثوران الفتنة .
ثم قال : { إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا } والمعنى : أن العداوة الحاصلة بين الشيطان وبين الإنسان عداوة قديمة قال تعالى حكاية عنه : { ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم } وقال : { كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين } وقال : { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم } وقال : { لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم } إلى قوله : { إني بريء منكم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.