لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗۖ لَّكُم مِّنۡهُ شَرَابٞ وَمِنۡهُ شَجَرٞ فِيهِ تُسِيمُونَ} (10)

قوله عز وجل { هو الذي أنزل من السماء ماء } لما ذكر الله سبحانه وتعالى نعمته على عباده بخلق الحيوانات لأجل الانتفاع والزينة : عقبه بذكر إنزال المطر من السماء ، وهو من أعظم النعم على العباد فقال : هو الذي أنزل من السماء . يعني ، والله الذي خلق جميع الأشياء هو الذي أنزل من السماء ماء يعني المطر { لكم منه } يعني من ذلك الماء { شراب } يعني تشربونه { ومنه } يعني ومن ذلك الماء { شجر } الشجر في اللغة ما له ساق من نبات الأرض ، ونقل الواحدي عن أهل اللغة أنهم قالوا : الشجر أصناف ما جل وعظم وهو الذي يبقى على الشتاء وما دق وهو صنفان أحدهما تبقى له أدوحة في الشتاء وينبت في الربيع ومنها ما لا يبقى له ساق في الشتاء كالبقول ، وقال أبو إسحاق : كل ما ينبت على وجه الأرض فهو شجر وأنشد : *نطعمها اللحم إذا عز الشجر* أراد أنهم يسقون الخيل اللبن إذا أجدبت الأرض ، وقال ابن قتيبة : في هذه الآية يعني الكلأ ومعنى الآية أنه ينبت بالماء الذي أنزل من السماء ما ترعى الراعية من ورق الشجر لأن الإبل ترعى كل الشجر { فيه } يعني في الشجر { تسيمون } يعني ترعون مواشيكم . يقال : أسمت السائمة إذا خليتها ترعى وسامت هي إذا رعت حيث شاءت .