ولما ذكر تعالى نعمه على عباده بخلق الحيوانات لأجل الانتفاع والزينة عقبه بذكر إنزال المطر لأنه من أعظم النعم على عباده فقال : { هو } أي : لا غيره مما تدعى فيه الإلهية { الذي أنزل } أي : بقدرته الباهرة { من السماء } إمّا من نفسها أو من غيرها أو من جهتها أو من السحاب كما هو مشاهد { ماء } أي : واحداً تحسونه بالذوق والبصر { لكم منه } أي : من ذلك الماء { شراب } أي : تشربونه وقد بيّن تعالى في آية أخرى أنّ هذه النعمة جليلة فقال : { وجعلنا من الماء كل شيء حيّ } [ الأنبياء ، 30 ] . فإن قيل : ظاهر هذا أنّ شرابنا ليس إلا من المطر ؟ أجيب : بأنه تعالى لم ينف أن يشرب من غيره وبتقدير الحصر لا يمتنع أن يكون الماء العذب تحت الأرض من جملة ماء المطر سكن هناك بدليل قوله في سورة المؤمنون : { وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض } [ المؤمنون ، 18 ] . { ومنه } أي : من الماء { شجر } أي : ينبت بسببه والشجر هنا كل نبات من الأرض حتى الكلأ وفي الحديث : «لا تأكلوا ثمن الشجر فإنه سحت » يعني الكلأ . فإن قيل : قال المفسرون : في قوله تعالى : { والنجم والشجر يسجدان } [ الرحمن ، 6 ] المراد من النجم ما ينجم من الأرض مما ليس له ساق ومن الشجر ما له ساق ؟ أجيب : بأن عطف الجنس على النوع وبالضدّ مشهور وأيضاً فلفظ الشجر يشعر بالاختلاط يقال : تشاجر القوم إذا اختلط أصوات بعضهم ببعض وتشاجرت الرياح إذا اختلطت وقال تعالى : { حتى يحكموك فيما شجر بينهم } [ النساء ، 65 ] ومعنى الاختلاط حاصل في العشب والكلأ . فوجب إطلاق لفظ الشجر عليه ويصح أن يكون المراد بالشجر هنا ما له ساق لأنّ الإبل تقدر على رعي ورق الأشجار الكبار وحينئذٍ فإطلاق الشجر على الكلأ مجاز . { فيه } أي : الشجر { تسيمون } أي : ترعون مواشيكم يقال : أسمت الماشية إذا خليتها ترعى وسامت هي إذا رعت حيث شاءت . قال الزجاج : أخذ ذلك من السومة وهي العلامة لأنها تؤثر في الأرض برعيها علامات وقال غيره : لأنها تعلم الإرسال في المرعى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.