{ والله جعل لكم مما خلق ظلالاً } ، يعني : جعل لكم ما تستظلون به من شدة الحر والبرد ، وهي ظلال الأبنية والجدران والأشجار ، { وجعل لكم من الجبال أكناناً } ، جمع كن ، وهو : ما يستكن فيه من شدة الحر والبرد ، كالأسراب والغيران ونحوها ؛ وذلك لأن الإنسان إما أن يكون غنياً أو فقيراً ، فإذا سافر احتاج في سفره ما يقيه من شدة الحر والبرد ، فأما الغني فيستصحب معه الخيام في سفره ، ليستكن فيها وإليه الإشارة بقوله : { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً } ، وأما الفقير فيستكن في ظلال الأشجار والحيطان والكهوف ونحوها ، وإليه الإشارة بقوله : { والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكناناً } ؛ ولأن بلاد العرب شديدة الحر ، وحاجتهم إلى الضلال ، وما يدفع شدته وقوته أكثر ، فلهذا السبب ذكر الله هذه المعاني في معرض الامتنان عليهم بها ؛ لأن النعمة عليهم فيها ظاهرة : { وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر } ، يعني : وجعل لكم قمصاً وثياباً من القطن والكتان والصوف وغير ذلك ، تمنعكم من شدة الحر ، قال أهل المعاني : والبرد ، فاكتفى بذكر أحدهما لدلالة الكلام عليه ، { وسرابيل تقيكم بأسكم } ، يعني : الدروع والجواشن وسائر ما يلبس في الحرب من السلاح ، والبأس : الحرب ، يعني : تقيكم في بأسكم السلاح أن يصيبكم . قال عطاء الخراساني : إنما نزل القرآن على قدر معرفتهم ، فقال تعالى : { وجعل لكم من الجبال أكناناً } ، وما جعله لهم من السهول أعظم وأكثر ، ولكنهم كانوا أصحاب جبال ، كما قال : { ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها } ، وما جعل لهم من القطن والكتان أكثر ، ولكن كانوا أصحاب صوف ووبر وشعر ، وكما قال تعالى : { وينزل من السماء من جبال فيها من برد } ، وما أنزل من الثلج أكثر ، ولكنهم كانوا لا يعرفون الثلج ، وقال : { تقيكم الحر } ، وما جعل لهم مما يقي من البرد أكثر ، ولكنهم كانوا أصحاب حر . وقوله سبحانه وتعالى : { كذلك } ، يعني : كما أنعم عليكم بهذه النعم ، { يتم نعمته عليكم } ، يعني : نعم الدنيا والدين ، { لعلكم تسلمون } ، يعني : لعلكم يا أهل مكة تخلصون لله الوحدانية والربوبية والعبادة والطاعة ، وتعلمون أنه لا يقدر على هذه الإنعامات إلا الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.