لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{أُبَلِّغُكُمۡ رِسَٰلَٰتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمۡ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (62)

{ أبلغكم رسالات ربي } يعني بتحذيري إياكم عقوبة على كفركم إن لم تؤمنوا به { وأنصح لكم } يقال نصحته ونصحت له كما يقال شكرته وشكرت له والنصح إرادة الخير لغيره كما يريده لنفسه وقيل النصح تحري قول أو فعل فيه صلاح للغير وقيل حقيقة النصح تعريف وجه المصلحة مع خلوص النية من شوائب المكروه والمعنى أنه قال أبلغكم جميع تكاليف الله وشرائعه وأرشدكم إلى الوجه الأصلح والأصوب لكم وأدعوكم إلى ما دعاني إليه وأحب لكم ما أحب لنفسي قال بعضهم والفرق بين إبلاغ الرسالة وبين النصيحة هو أن تبليغ الرسالة أن يعرفهم جميع أوامر الله تعالى ونواهيه وجميع أنواع التكاليف التي أوجبها الله تعالى عليهم .

وأما النصيحة فهو أن يرغّبهم في قبول تلك الأوامر والنواهي والعبادات ويحذرهم عقابه إن عصوه { وأعلم من الله ما لا تعلمون } يعني أعلم أنكم إن عصيتم أمره عاقبكم بالطوفان والغرق في الدنيا ويعذبكم في الآخرة عذاباً عظيماً وقيل أعلم أن مغفرة الله تعالى لمن تاب وعقوبته لمن أصر على الكفر وقيل : لعل الله أطلعه على سر من أسراره فقال وأعلم من الله ما لا تعلمون .