غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أُبَلِّغُكُمۡ رِسَٰلَٰتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمۡ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (62)

59

ثم ذكر ما هو المقصود من البعثة وهو أمران : الأول تبليغ الرسالة ، والثاني تقرير النصيحة فقال { أبلغكم } الآية . والجملة استئناف بيان لكونه رسولاً من رب العالمين ، أو صفة لرسول . وإنما جاز أن تكون صفة ولفظ الرسول غائب نظراً إلى المعنى كقوله : أنا الذي سمتن أمي حيدره { رسالات ربي } ما أوحي إليّ في الأوقات المتطاولة ، أو ما أوحي إليّ في المعاني المختلفة في الأوامر والنواهي . وشرح مقادير الثواب والعقاب في الآخرة ومقادير الحدود والزواجر في الدنيا . ويجوز أن يريد رسالاته إليه وإلى الأنبياء قبله من صحف جده إدريس وهي ثلاثون صحيفة ، ومن صحف شيث وهي خمسون صحيفة { وأنصح لكم } قال الفراء : العرب لا تكاد تقول نصحتك وإن كان جائزاً ولكن تقول نصحت لك . قال في الكشاف : وفي زيادة اللام مبالغة ودلالة على إمحاض النصيحة . وحقيقة النصح الإرشاد إلى المصلحة مع خلوص النية من شوائب المكر . ومعنى الآية : وأبلغكم تكاليف الله ثم أرشدكم إلى الأصلح الأصوب وأدعوكم إلى ما دعاني الله تعالى وأحب لكم ما أحب لنفسي { وأعلم من الله ما لا تعلمون } أي أعلم أنكم إن عصيتم أمره عاقبكم بالطوفان ، وذلك أنهم لم يسمعوا بقوم حل بهم العذاب قبلهم أو أعلم أن الله يعاقبكم في الآخرة عقاباً ، أو أعلم من توحيد الله من صفات جلاله ما لا تعلمون ، ويكون المقصود حمل القوم على أن يرجعوا إليه في طلب تلك العلوم .