تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أُبَلِّغُكُمۡ رِسَٰلَٰتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمۡ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (62)

الآية 62 وقوله تعالى : { أبلغكم رسالات ربي } التي أمرني بتبليغها إليكم ؛ قبلتم ، أو رددتم . ثم لأني أبلّغها على أي حال استقبلتموني ، أو يقول : { أبلّغكم رسالات ربي } رسالة ربي التي أرسلها إلي .

وقوله تعالى : { وأنصح لكم } [ يحتمل قوله : { وأنصح لكم } ]{[8529]} أي أدعوكم ، وآمركم إلى ما فيه صلاحكم ، وأنهاكم عما فيه فسادكم . والنصيحة هي الدعاء إلى ما فيه [ الصلاح والنهي عما فيه ]{[8530]} الفساد . وتكون النصيحة لهم ولجميع المؤمنين .

روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ أنه ]{[8531]} قال : ( ألا إن الدين النصيحة ، قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولرسوله ) [ البخاري : 57 ] قال أبو القاسم الحكيم ، رحمة الله عليه : النصيحة هي النهاية من صدق العناية .

ثم أخبر أنه يبلّغهم { رسالات ربي } ولم يبيّن في ماذا ؟ في كتاب أنزله عليه ، أو يوحي [ إليه في غير كتاب ]{[8532]} ، وليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة سوى التصديق له في ما يبلّغ إليهم .

وقوله تعالى : { وأعلم من الله ما لا تعلمون } قد أتاه من الله العلم بأشياء ما لم يأت أولئك مثله ، وهو كقول إبراهيم ، صلوات الله عليه ، لأبيه { يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتّبعني } [ مريم : 43 ] ويحتمل قوله تعالى : { وأعلم من الله ما لا تعلمون } من العذاب أن ينزل بكم { ما لا تعلمون } أنتم إذا دمتم على ما أنتم عليه .


[8529]:من م، ساقطة من الأصل.
[8530]:ساقطة من الأصل.
[8531]:ساقطة من الأصل وم.
[8532]:في الأصل وم: في غير كتاب يوحي إليه.