ثم إنه عليه السلام لما نفى عن نفسه العيب الذي وصفوه به ، ووصف نفسه بأشرف الصفات وأجلها ، وهو كونه رسولا إلى الخلق من رب العالمين . ذكر ما هو المقصود من الرسالة ، وهو أمران : الأول : تبليغ الرسالة . والثاني : تقرير النصيحة . فقال : { أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ أبو عمرو { أبلغكم } بالتخفيف ، من أبلغ ، والباقون بالتشديد . قال الواحدي : وكلا الوجهين جاء في التنزيل ، فالتخفيف قوله : { فإن تولوا فقد أبلغتكم } والتشديد { فما بلغت رسالته } .
المسألة الثانية : الفرق بين تبليغ الرسالة وبين النصيحة هو أن تبليغ الرسالة معناه : أن يعرفهم أنواع تكاليف الله وأقسام أوامره ونواهيه ، وأما النصيحة : فهو أنه يرغبه في الطاعة ، ويحذره عن المعصية ، ويسعى في تقرير ذلك الترغيب والترهيب لأبلغ وجوه ، وقوله : { رسالات ربي } يدل على أنه تعالى حمله أنواعا كثيرة من الرسالة . وهي أقسام التكاليف من الأوامر والنواهي ، وشرح مقادير الثواب والعقاب في الآخرة ، ومقادير الحدود والزواجر في الدنيا ، وقوله : { وأنصح لكم } قال الفراء : لا تكاد العرب تقول : نصحتك ، إنما تقول : نصحت لك ، ويجوز أيضا نصحتك . قال النابغة :
نصحت بني عوف فلم يتقبلوا *** رسولي ولم تنجح لديهم رسائلي
وحقيقة النصح الإرسال إلى المصلحة مع خلوص النية من شوائب المكروه ، والمعنى : أني أبلغ إليكم تكاليف الله ، ثم أرشدكم إلى الأصوب الأصلح ، وأدعوكم إلى ما دعاني ، وأحب إليكم ما أحبه لنفسي .
ثم قال : { وأعلم من الله ما لا تعلمون } وفيه وجوه : الأول : واعلم أنكم إن عصيتم أمره عاقبكم بالطوفان . الثاني : واعلم أنه يعاقبكم في الآخرة عقابا شديدا خارجا عما تتصوره عقولكم . الثالث : يجوز أن يكون المراد : واعلم من توحيد الله وصفات جلاله ما لا تعلمون ويكون المقصود من ذكر هذا الكلام : حمل القوم على أن يرجعوا إليه في طلب تلك العلوم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.