{ فلا تعجبك } يا محمد { أموالهم ولا أولادهم } هذا الخطاب وإن كان مختصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا أن المرد به جميع المؤمنين والمعنى فلا تعجبوا بأموال المنافقين وأولادهم والإعجاب السرور بالشيء مع نوع من الافتخار به مع الاعتقاد أنه ليس لغيره مثله وهذا يدل على استغراق النفس بذلك الشيء ويكون سبب انقطاعه عن الله عز وجل فينبغي للإنسان أن لا يعجب بشيء من أمور الدنيا ولذاتها فإن العبد إذا كان من الله عز وجل في استدراج كثر ماله وولده فيكثر إعجابه بماله وولده فيبطر ويكفر نعم الله عليه ولهذا قال سبحانه وتعالى : { إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا } فإن قلت كيف يكون المال والولد عذاباً في الدنيا وفيهما اللذة والسرور في الدنيا .
قلت : قال مجاهد وقتادة : في الآية تقديم وتأخير وتقديرها فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة . وقيل : إن سبب كون المال والولد عذاباً في الدنيا هو ما يحصل من المتاعب والمشاق في تحصيلهما فإذا حصلا ازداد التعب وتحمل المشاق في حفظهما ويزداد الحزن والغم بسب المصائب الواقعة فيهما ، فعلى هذا القول ، لا حاجة إلى التقديم والتأخير في نظم الآية وأورد على هذا القول بأن هذا التعذيب حاصل لكل أحد من بني آدم مؤمنهم وكافرهم فما فائدة تخصيص المنافقين بهذا التعذيب في الدنيا وأجيب عن هذا الإيراد بأن المنافقين مخصوصون بزيادة من هذا العذاب وهو أن المؤمن قد علم أنه مخلوق للآخرة وإنه يثاب بالمصائب الحاصلة له في الدنيا فلم يكن المال والولد في حقه عذاباً في الدنيا وأما المنافق فإنه لا يعتقد كون الآخرة له وإنه ليس فيها ثواب فبقي ما يحصل له في الدنيا من التعب والشدة والغم والحزن على المال والولد عذاباً عليه في الدنيا فثبت بهذا الاعتبار أن المال والولد عذاب على المنافقين في الدنيا دون المؤمنين . وقيل : إن تعذيبهم بهما في الدنيا أخذ الزكاة منهم والنفقة في سبيل الله غير مثابين على ذلك وربما قتل الولد في الغزو فلا يثاب الوالد المنافق على قتل ولده وذهاب ماله . وقيل : يعذبهم بالتعب في جمعه وحفظه والكره في إنفاقه والحسرة على تخليفه عند من لا يحمده ثم يقدم في الآخرة على ملك لا يعذره { وتزهق أنفسهم } يعني وتخرج أنفسهم { وهم كافرون } والمعنى أنهم يموتون على الكفر فتكون عاقبتهم بعد عذاب الدنيا عذاب الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.