فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ} (55)

قوله : { فَلاَ تُعْجِبْكَ أموالهم وَلاَ أولادهم } الإعجاب بالشيء : أن يسرّ به سروراً راض به متعجب من حسنه ، قيل : مع نوع من الافتخار ، واعتقاد أنه ليس لغيره ما يساويه . والمعنى : لا تستحسن ما معهم من الأموال والأولاد : { إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الحياة الدنيا } بما يحصل معهم من الغمّ والحزن عند أن يغنمها المسلمون ، ويأخذوها قسراً من أيديهم مع كونها زينة حياتهم وقرّة أعينهم ، وكذا في الآخرة يعذبهم بعذاب النار بسبب عدم الشكر لربهم الذي أعطاهم ذلك ، وترك ما يجب عليهم من الزكاة فيها ، والتصدق بما يحق التصدق به . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، والمعنى : فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا ، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة لأنهم منافقون ، فهم ينفقون كارهين ، فيعذبون بما ينفقون . قوله : { وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كافرون } الزهوق : الخروج بصعوبة ، والمعنى : أن الله يريد أن تزهق أنفسهم وتخرج أرواحهم حال كفرهم لعدم قبولهم لما جاءت به الأنبياء وأرسلت به الرسل ، وتصميمهم على الكفر وتماديهم في الضلالة .

/خ57