{ فلا تعجبك } يا محمد { أموالهم } أي : وإن أنفقوها في سبيل الله وجهزوا بها الغزاة فإنّ ذلك من غير إخلاص منهم ولا حسن نية ولا جميل طوية { ولا أولادهم } الذين يتجملون بهم فإنّ ذلك استدراج ووبال كما قال تعالى : { إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا } وإن كان يتراءى أنها لذيدة لأنّ ذلك من شأن الحياة وتعذيبهم فيها بسبب ما يكابدون من جمعها وحفظها من المتاعب وما يرون فيها من الشدائد والمصائب .
فإن قيل : هذا لا يختص بالمنافق فما فائدة تخصيصه به ؟ أجيب : بأنّ المؤمن قد علم أنه مخلوق للآخرة وأنه يثاب بالمصائب الحاصلة في الدنيا فلم يكن المال والولد في حقه عذاباً والمنافق لا يعتقد ذلك فبقي ما يحصل له في الدنيا من التعب والمشقة والغم والحزن على المال والولد عذاباً عليه في الدنيا { وتزهق } أي : تخرج { أنفسهم } بسببها { وهم } أي : والحال أنهم { كافرون } أي : يموتون على الكفر فتكون عاقبتهم بعد عذاب الدنيا عذاب الآخرة وهكذا كل من أراد الله تعالى استدراجه في الغالب كثر ماله وولده فكثر إعجابه بماله وولده وبطره وكفره نعمة الله تعالى .
والإعجاب السرور بالشيء مع نوع الافتخار به ومع اعتقاد أنه ليس لغيره ما يساويه وهذه الحالة تدل على استغراق النفس بذلك الشيء وانقطاعه عن الله تعالى فإنه لا يبعد في حكم الله تعالى أن يزيل ذلك الشيء عن ذلك الإنسان ويجعله لغيره والإنسان متى كان متذكراً لهذا المعنى زال إعجابه بذلك الشيء ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه ) وكان صلى الله عليه وسلم يقول : «هلك المكثرون » ، وقال أيضاً : ( ما لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدّقت فأبقيت ) .
وروي من كثر ماله اشتدّ حسابه ومن أراد من السلطان قرباً ازداد من الله بعداً والأخبار الواردة في هذا الباب كثيرة والمقصود منها الزجر عن الإطناب من الدنيا والمنع من التهالك في حبها والافتخار بها لأنّ الإنسان خلق للآخرة لا للدنيا فينبغي أن لا يشتدّ عجبه بالدنيا وأن لا يميل قلبه إليها فإن المسكن الأصلي له هو الآخرة لا الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.