صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَٱلصَّـٰٓفَّـٰتِ صَفّٗا} (1)

{ والصافات صفا . . . } أقسم الله تعالى بجماعات وطوائف ثلاث من خلقه ؛ ولله أن يقسم بما شاء ، تنويها بعظم شأن المقسم به . فأقسم بالصافات أنفسها في العبادة . صلاة أو جهادا أو غيرهما ، ملائكة أو أناسي أو غيرهما . فالزاجرات عن ارتكاب المعاصي بالأقوال والأفعال كائنين من كانوا . فالتاليات آيات الله إلى الناس للتعليم ونحوه كذلك . والترتيب بلقاء على سبيل الترقي في الصفات . فالأولى كمال والثانية أكمل ؛ لتعدى منفعتها . والثالثة أكمل وأكمل ؛ لتضمنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتخلي عن الرذائل ، والتحلي بالفضائل . ولا تدافع بين هذه الصفات ؛ فقد تجتمع كلها في جماعة واحدة . . . و " صفا " و " زجرا " و " ذكرا " مصادر مؤكدة ، وجواب القسم

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلصَّـٰٓفَّـٰتِ صَفّٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الصافات مكية وآياتها ثنتان وثمانون ومائة .

قوله تعالى : { والصافات صفا } قال ابن عباس رضي الله عنهما ، والحسن ، وقتادة : هم الملائكة في السماء يصفون كصفوف الخلق في الدنيا للصلاة .

أخبرنا عمر بن عبد العزيز القاشاني ، أنبأنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي ، أخبرنا أبو علي محمد بن العلاء ، أخبرنا أحمد اللؤلؤي ، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ، حدثنا زهير قال : سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر عن سمرة في الصفوف المقدمة فحدثنا عن المسيب بن رافع بن طرفة عن جابر عن سمرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم ؟ قلنا : وكيف تصف الملائكة عند ربهم ؟ قال : يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف " وقيل : هم الملائكة تصف أجنحتها في الهواء واقفة حتى يأمرها الله تعالى بما يريده . وقيل : هي الطيور ، دليله قوله تعالى : { والطير صافات } .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلصَّـٰٓفَّـٰتِ صَفّٗا} (1)

قال تعالى : { والصافات } أي الجماعات من الملائكة والمصلين والمجاهدين المكملين أنفسهم بالاصطفاف في الطاعة ، فهو صفة لموصوف محذوف مؤنث اللفظ ، وعدل عن أن يقول : " الصافين " القاصر على الذكور العقلاء ليشمل الجماعات من الملائكة والجن والإنس والطير والوحش وغيرها ، إشارة إلى أنه لا يؤلف بين شيء منها ليتحد قصده إلا واحد قهار ، وأنه ما اتحد قصد شيء منها إلا استوى صفة ، ولا اعتدل صفة إلا اتحد زجره وهو صياحه ، ولا اتحد زجره إلا اتحد ما يذكره بصوته ، ولا اتحد منه ذلك إلا نجح قصده واتضح رشده بدليل المشاهدة ، وأدلها أن الصحابة رضي الله عنهم لما اتحد قصدهم في إعلاء الدين وهم أضعف الأمم وأقلها عدداً لم يقم لهم جمع من الناس الذين لا نسبة لهم إليهم في قوة ولا كثرة ، ولم ينقص صفهم ، وجرح القلوب وأبارها زجرهم ، وشرح الصدور وأنارها ذكرهم ، كما أشار إليه تعالى آخر هذه السورة بقوله { وإن جندنا لهم الغالبون } وكذا غير الآدميين من الحيوانات كما يرى من الفار والجراد إذا أراد الله تعالى اتحاد قصده في شيء فإنه يغلب فيه من يغالبه ، ويقهر من يقاويه أو يقالبه ، فبان أن الخير كله في الوحدة وأنه لا صلاح بدونها ، فبان أن الإله لا يكون متكبرا بوجه من الوجوه فصح ما أريد بالقسم ، واتحد جداً بالمقسم عليه والتأم والتحم به أيّ التحام ، وانتظم معناهما كل الانتظام .

ولما كان التأكيد بالمصدر أدل على الوحدة المرادة قال : { صفاً * } وهو ترتيب الجمع على خط .