صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا} (11)

{ المخلفون من الأعراب } أي الذين خلفهم الله عن صحبتك ، والخروج معك إلى مكة معتمرا عام الحديبية ؛ حين استنفرتهم ليخرجوا معك حذرا من قريش أن يعرضوا لك بحرب أو يصدوك عن البيت . فتثاقلوا عنك وتخلفوا ، وخافوا القتال وقالوا : لن يرجع محمد وأصحابه من هذه السفرة . ففضحهم الله بهذه الآية ، وأعلم رسوله بقولهم واعتذارهم قبل أن يرجع إليهم ؛ فكان كذلك . و " المخلفون " جمع مخلف ، وهو المتروك في مكان خلف الخارجين من البلد كالنساء والصبيان . والأعراب : سكان البادية . والمراد بهم غفار ومزينة وجهينة وأشجع وأسلم والديل .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا} (11)

المخلَّفون : واحدهم مخلّف ، وهو المتروك في المكان خلف الذين خرجوا منه . الأعراب : أهلُ البادية .

عندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الخروج إلى مكة معتمراً دعا جميع المسلمين للخروج معه فتخلّف البدو من جهينة ومزينة وغفار وأشجعَ وأسلم وغيرهم وتعللوا بأن أموالهم وأهليهم قد شغلتهم . والحقيقةُ أنهم كانوا ضِعاف الإيمان ، يخشون أن تقع الحرب . وقالوا : لن يرجع محمد ولا أصحابه من هذا السفر . ففضحهم الله في هذه الآية لأنهم كاذبون يقولون خلاف ما يبطنون ، وأمر رسوله الكريم أن يرد عليهم بقوله : { قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ الله شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً ؟ } والله عليم بكل ما تعملون .

قراءات :

قرأ حمزة والكسائي : إن أراد بكم ضُرا بضم الضاد . وقرأ الباقون : ضَرا بفتح الضاد .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا} (11)

قوله تعالى : { سيقول لك المخلفون من الأعراب } قال ابن عباس ، ومجاهد : يعني أعراب بني غفار ومزينة وجهينة ، وأشجع وأسلم ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمراً استنفر من حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذراً من قريش أن يعرضوا له بحرب ، أو يصدوه عن البيت ، فأحرم بالعمرة وساق معه الهدي ليعلم الناس أنه لا يريد حرباً ، فتثاقل عنه كثير من الأعراب وتخلفوا واعتلوا بالشغل ، فأنزل الله تعالى فيهم : { سيقول لك المخلفون من الأعراب } يعني الذين خلفهم الله عز وجل عن صحبتك ، فإذا انصرفت من سفرك إليهم فعاتبهم على التخلف عنك { شغلتنا أموالنا وأهلنا } يعني النساء والذراري ، أي لم يكن لنا من يخلفنا فيهم . { فاستغفر لنا } تخلفنا عنك ، فكذبهم الله عز وجل في اعتذارهم ، فقال : { يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم } من أمر الاستغفار ، فإنهم لا يبالون أستغفر لهم النبي صلى الله عليه وسلم أو لا . { قل فمن يملك لكم من الله شيئاً إن أراد بكم ضراً } سوءا { أو أراد بكم نفعا } قرأ حمزة والكسائي : { ضراً } بضم الضاد ، وقرأ الآخرون بفتحها لأنه قابله بالنفع ، والنفع ضد الضر ، وذلك أنهم ظنوا أن تخلفهم عن النبي صلى الله عليه وسلم يدفع عنهم الضر ، ويعجل لهم النفع بالسلامة في أنفسهم وأموالهم ، فأخبرهم الله تعالى أنه إن أراد بهم شيئاً من ذلك لم يقدر أحد على دفعه . { بل كان الله بما تعملون خبيراً* }

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا} (11)

{ سيقول لك المخلفون من الأعراب } الآية لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى مكة عام الحديبية استنفر من حول المدينة من الأعراب حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب فتثاقلوا عنه وخافوا قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أنفسهم فأنزل الله تعالى { سيقول لك المخلفون } الذين خلفهم الله عن صحبتك إذا انصرفت إليهم فعاتبتهم عن التخلف { شغلتنا } عن الخروج معك { أموالنا وأهلونا } أي ليس لنا من يقوم فيها إذا خرجنا { فاستغفر لنا } تركنا الخروج معك ثم كذبهم الله تعالى في ذلك العذر فقال { يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم } ا لآية

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا} (11)

قوله تعالى : " سيقول لك المخلفون من الأعراب " قال مجاهد وابن عباس : يعني أعراب غفار ومزينة وجهينة وأسلم وأشجع والديل ، وهم الأعراب الذين كانوا حول المدينة ، تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد السفر إلى مكة عام الفتح ، بعد أن كان استنفرهم ليخرجوا معه حذرا من قريش ، وأحرم بعمرة وساق معه الهدي ، ليعلم الناس أنه لا يريد حربا فتثاقلوا عنه واعتلوا بالشغل ، فنزلت . وإنما قال : " المخلفون " لأن الله خلفهم عن صحبة نبيه . والمخلف المتروك . وقد مضى في " التوبة " {[13996]} . " شغلتنا أموالنا وأهلونا " أي ليس لنا من يقوم بهما . " فاستغفر لنا " جاؤوا يطلبون الاستغفار واعتقادهم بخلاف ظاهرهم ، ففضحهم الله تعالى بقوله : " يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم " وهذا هو النفاق المحض .

قوله تعالى : " قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا " قرأ حمزة والكسائي " ضرا " بضم الضاد هنا فقط ، أي أمرا يضركم . وقال ابن عباس : الهزيمة . الباقون بالفتح ، وهو مصدر ضررته ضرا . وبالضم اسم لما ينال الإنسان من الهزال وسوء الحال . والمصدر يؤدي عن المرة وأكثر . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، قالا : لأنه قابله بالنفع وهو ضد الضر . وقيل : هما لغتان بمعنى ، كالفَقر والفُقر والضَّعف والضُّعف . " أو أراد بكم نفعا " أي نصرا وغنيمة . وهذا رد عليهم حين ظنوا أن التخلف عن الرسول يدفع عنهم الضر ويعجل لهم النفع .


[13996]:راجع ج 8 ص 216.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا} (11)

قوله تعالى : { سيقول لك المخلّفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعلمون خبيرا 11 بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا 12 ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا 13 ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما } .

يبين الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ما يبديه له المنافقون الأعراب من المصانعة والمداهنة ، وهم في الحقيقة يكنون في أنفسهم النفاق والضغينة لرسول الله ولدينه وللمؤمنين . وهم لتحقيق بغيتهم الفاسدة لا يعبأون بحلف الأيمان الفاجرة على سبيل التقية والتكلف بالظهور بمظهر الصادقين الأوفياء ، والله يشهد لنبيه وللمؤمنين بأن هؤلاء منافقون مخادعون .

وذلكم هو قوله : { سيقول لك المخلّفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا } المراد بالأعراب ، الذين كانوا حول المدينة ، كغفار ومزينة وجهينة وغيرهم . فقد تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد السفر إلى مكة عام الفتح بعد أن استنفرهم ليخرجوا معه حذرا من قريش . وكان عليه الصلام والسلام قد أحرم بعمرة وساق معه الهدي ليعلم الناس أنه لا يبغي من سفره هذا حربا أو قتالا . لكن الأعراب من حول المدينة قد تثاقلوا عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واصطنعوا لأنفسهم المعاذير متعللين بها لعدم الخروج وهو قوله : { شغلتنا أموالنا وأهلونا } تعللوا بانشغالهم في الأهل والأموال زاعمين أنه ليس لهم من يقوم بهم إذا خرجوا من المدينة { فاستغفر لنا } يطلبون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسغفر لهم الله . وليس ذلك منهم على سبيل الاعتقاد واليقين أو الخوف من الله . بل على سبيل التّقية والمصانعة والنفاق ، فهم يخفون في أنفسهم غير ما تبديه ألسنتهم . وهو قوله : { يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم } لا جرم أنهم منافقون مخادعون كاذبون ، يظهرون خلاف ما يبطنون ، والله جلا وعلا عليم بأسرارهم وحقيقة أخبارهم وما تنطوي عليه صدورهم فكشفهم حتى افتضح أمرهم .

قوله : { قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا } يعني : فمن يمنعكم من الله إن أراد بكم خيرا أو شرا ، أو أراد بكم نصرا أو هزيمة . فليس فراركم أو تخلفكم عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بمنجّيكم مما هو مكتوب لكم في قدر الله . فليس من أحد بقادر على رد ما أراده الله لكم من حياة أو موت ، أو من نجاة أو هلاك .

قوله : { بل كان الله بما تعملون خبيرا } ذلك رد لما أظهروه من رقيق الكلام ولما تكلفوه من لين الحديث المصطنع ، فقد كشف الله حقيقتهم إذ بين لهم أنه يعلم ما تخفيه صدورهم ويعلم حقيقة أمرهم وأفعالهم ومقاصدهم .