غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا} (11)

1

ثم بين ما يعلم منه إعجاز القرآن لأنه أخبر عن الغيب وقد وقع مطابقاً وله في السورة نظائر فقال { سيقول لك المخلفون } هم أسلم ومزينة وجهينة وغفار . وقيل : سموا مخلفين لأن التوفيق خلفهم ولم يعتدّ بهم . والظاهر أنهم سموا بذلك لأنه صلى الله عليه وسلم حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمراً استنفر الأعراب وأهل البوادي حذراً من قريش أن يصدّوه عن البيت ، فتثاقل كثير من الأعراب وقالوا : يذهب إلى قوم قصدوه في داره بالمدينة وظنوا أنه يهلك فلا ينقلب إلى المدينة فاعتلوا . فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتذروا وقالوا { شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا } سل الله أن يغفر لنا تخلفنا عنك وإن كان من عذر فكذبهم الله بقوله { يقولون بألسنتهم } وقوله شيئاً من الضر كقتل وهزيمة ولا يوصل إليهم نفعاً إلا ما شاء الله . وإنما قال هاهنا بزيادة لفظة { لكم } لأنه في قوم بأعيانهم بخلاف " المائدة " فإنه عام لقوله { أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعاً } [ المائدة 17 ] ثم ردّ قولهم اللساني فقال { بل كان الله بما تعملون خبيراً } .

/خ29