الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا} (11)

ثم قال : { سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا } {[63892]} [ 11 ] .

نزلت هذه الآية في الأعراب الذين حول المدينة من مزينة وجهينة وأسلم ، وغيرهم تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية ، فلما رجع النبي {[63893]}/ وظفر وسلم أتوه يسألونه الاستغفار لهم وفي قلوبهم خلاف ذلك ، ففضحهم الله {[63894]} .

أي : سيقول لك يا محمد إذا رجعت إلى الحديبية الذين ( تخلفوا في أهليهم ) {[63895]} .

وقعدوا عن صحبتك والخروج معك إلى مكة معتمرين كما خرجت ، معتذرين عن تخلفهم عنك : شغلتنا عن الخروج معك معالجة أموالنا ، وأصلاح معائشنا وأهلينا فاستغفر لنا ربك لتخلفنا عنك ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم {[63896]} لما أراد الخروج إلى مكة معتمرا استنفر العرب ، الذين حول المدينة ليخرجوا معه حذرا من قريش أن يعرضوا له {[63897]} بحرب أو يصدوه عن البيت ، ثم أحرم بالعمرة ، وساق الهدي ليعلم الناس أنه لم {[63898]} يخرج لحرب فتثاقل عنه كثير من الأعراب {[63899]} فتخلفوا {[63900]} عنه {[63901]} ، ففيهم نزل {[63902]} هذا .

وقال مجاهد {[63903]} : هم أعراب المدينة من جهينة ومزينة {[63904]} تخلفوا عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم {[63905]} إلى مكة غداة {[63906]} الحديبية ثم أنزل الله {[63907]} تكذيبهم في عذرهم فقال : { يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم } {[63908]} أي : يسألونك يا محمد الاستغفار من {[63909]} فعلهم من غير توبة تنعقد {[63910]} عليها قلوبهم ، ولا ندم على فعلهم .

وجاء بلفظ " ألسنتهم " توكيدا وفرقا بين المجاز والحقيقة .

ثم قال : { قل فمن يملك لكم من الله شيئا } أي : قل يا محمد لهؤلاء الأعراب الذين تخلفوا عن الخروج معك إلى مكة ، من يملك لكم من الله شيئا .

{ إن أراد بكم ضرا وأراد بكم نفعا }/ أي : من يدفع عنكم الضر إذا أراده {[63911]} الله بكم حين عصيتم رسوله وتخلفتم عن الخروج معه ، واعتذرتم بما لا تعتقده قلوبكم .

ثم قال : { بل كان الله بما تعملون خبيرا } أي : بل [ لم ] {[63912]} يزل الله ذا خبر بما تعملون وما تعتقدون {[63913]} ، لا يخفى عليه شيء من ذلك .


[63892]:ع: "شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا".
[63893]:ع: "النبي صلى الله عليه وسلم".
[63894]:انظر: معاني الفراء 3/65، وتفسير القرطبي 16/267.
[63895]:ع : "تخلفوا عنك في أهليهم".
[63896]:ع: "عليه السلام".
[63897]:ساقط من ع.
[63898]:ع: "لن".
[63899]:ع: "العرب".
[63900]:ع: "فيخلفوا": وهو تصحيف.
[63901]:ع: "عنهم".
[63902]:انظر: جامع البيان 26/48.
[63903]:ساقط من ع.
[63904]:انظر: جامع البيان 26/49، وتفسير القرطبي 16/268، والدر المنثور 7/528.
[63905]:ع: "عليه السلام".
[63906]:ع: "غزوة".
[63907]:ساقط من ع.
[63908]:الفتح: 11.
[63909]:ع : "في".
[63910]:ع: "ينعقد".
[63911]:ح: "أراد": وهو تحريف.
[63912]:ساقط من ح.
[63913]:ع: "تعقدون".