مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا} (11)

{ سَيَقُولُ لَكَ } إذا رجعت من الحديبية { المخلفون مِنَ الأعراب } هم الذين خلّفوا عن الحديبية وهم أعراب غفار ومزينة وجهينة وأسلم وأشجع والدئل ، وذلك أنه عليه السلام حين أراد المسير إلى مكة عام الحديبية معتمراً استنفر من حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذراً من قريش أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت ، وأحرم هو صلى الله عليه وسلم وساق معه الهدي ليعلم أنه لا يريد حرباً ، فتثاقل كثير من الأعراب وقالوا : يذهب إلى قوم غزوه في عقر داره بالمدينة وقتلوا أصحابه فيقاتلهم وظنوا أنه يهلك فلا ينقلب إلى المدينة { شَغَلَتْنَآ أموالنا وَأَهْلُونَا } هي جمع أهل اعتلوا بالشغل بأهاليهم وأموالهم وأنه ليس من يقوم بأشغالهم { فاستغفر لَنَا } ليغفر لنا الله تخلفنا عنك { يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ } تكذيب لهم في اعتذارهم وأن الذي خلفهم ليس ما يقولون ، وإنما هو الشك في الله والنفاق فطلبهم الاستغفار أيضاً ليس بصادر عن حقيقة { قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ الله شَيْئاً } فمن يمنعكم من مشيئة الله وقضائه { إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً } ما يضركم من قتل أو هزيمة { ضَرّا } حمزة وعلي { أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً } من غنيمة وظفر .

{ بَلْ كَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً