الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا} (11)

أخرج عبد بن حميد عن جويبر رضي الله عنه في قوله { سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا } قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم حين انصرف من الحديبية وسار إلى خيبر تخلف عنه أناس من الأعراب فلحقوا بأهاليهم ، فلما بلغهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر ساروا إليه ، وقد كان الله أمره أن لا يعطي أحداً تخلف عنه من مغنم خيبر ، ويقسم مغنمها من شهد الفتح ، وذلك قوله : { يريدون أن يبدلوا كلام الله } يعني ما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن لا يعطي أحداً تخلف عنه من مغنم خيبر شيئاً .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { سيقول لك المخلفون من الأعراب } قال : أعراب المدينة جهينة ومزينة استنفرهم لخروجه إلى مكة ، فقالوا : نذهب معه إلى قوم جاؤوه فقتلوا أصحابه فنقاتلهم في ديارهم ، فاعتلوا له بالشغل ، فأقبل معتمراً فأخذ أصحابه أناساً من أهل الحرم غافلين فأرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فذلك الأظفار ببطن مكة ، ورجع محمد صلى الله عليه وسلم فوعد مغانم كثيرة فجعلت له خيبر ، فقال المخلفون : { ذرونا نتبعكم } وهي المغانم التي قال الله { إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها } وعرض عليهم قتال قوم أولي بأس شديد فهم فارس والمغانم الكثيرة التي وعدوا ما يأخذون حتى اليوم .